ويؤيد هذا الحديث في المنع الأدلة الدالة على منع الحكم بدون علم. وظن السوء بالناس وتحقيرهم وتقنيطهم عن الخير وصدُّهم عنه.
تقييد وتعميم:
قد يقول الإنسان هلك الناس اشفاقا عليهم وتحزنا لما هم فيه فلا يكون مثل من قاله تحقيرا وتقنيطا غير أنه يبقى في عبارته ذلك التعميم الذي هو حكم بغير علم.
مع ما توقعه هذه العبارة من القنوط- خصوصا إذا تكررت- ولو لم يقصده القائل فلا ينبغي أن تقال هذه العبارة ومثلها من كل ما يفيد هلاك جميع الناس.
الآداب:
على الوجه الأول: على من يريد أن يرشد المسلمين ويعمل لإصلاح حالهم أن ينظر إليهم بعين الشفقة والحنانة لا بعين الزراية والاحتنقار. فإن الشفوق تدفعه شفقته إلى المبالغة في العناية بتتبع الأدواء واستقصاء أنواع العلاج، بخلاف الزاري المحتقر فإنه يترفع بنفسه عن الناس ويتركهم فيما هم عليه وإن باشر شيئا من معالجتهم فإنه يباشره من استثقال واشمئزاز لا يصل معهما إلى داء الأمة شيء من علاجه ولن يستطيع هو معهما صبرا على الاستمرار في عمله أو على إتقان القليل منه.
على أن الشفوق تشعر نفوس الأمة منه بتلك الشفقة فتقابله بمثلها وبالامتثال لما يأتيها منه لمعالجتها واثقة منه بنصحه منقادة لإرشاده راجية نيل الخير على يده.
والزاري المحتقر تشعر منه الأمة بذلك فتقابله بمثله وتنقبض نفوسها عنه وتقوي ريبتها في قوله وفعله وقد تصارحه ببعضه فتؤدي الحال