ملك وإنما أنكره عمر لما خاف فيه من تعظم واستعلاء وإعجاب. فلما كان للحق والمصلحة أقره.
ومن أقوى الأدلة على أن تلك المظاهر إذا كانت للحق والمصلحة فهي محمودة مطلوبة، ما قصه الله علينا في هذه الآيات عن ملك سليمان نبي الله عليه الصلاة والسلام.
نعم في مسند أحمد أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- خير من أن يكون نبيا ملكا أو يكون نبيا عبدا فاختار أن يكون نبيا عبدا. وكان ذلك تواضعا منه. ولا ينفي هذا أنه- صلى الله عليه وآله وسلم- كما كان مبلغا عن الله تبارك وتعالى كان قائما على الحكم والتنفيذ وإدارة الشؤون العامة وتنظيم المجتمع مما يسمى ملكا نبويا مستندا إلى الوحي الإلهي، لأن التخيير راجع إلى حالته الشخصية الكريمة فخير بين أن يكون لشخصه من مظاهر الملك مثل ما كان سليمان أو لا تكون له تلك المظاهر فاختار أن لا تكون وأن يكون مظهره مظهرا عاديا مثل مظهر العبد العادي. كما سليمان- عليه السلام- الذي كان ملكا نبيا لم ينف ذلك عنه العبودية، وإنما ينفي عنه مظهرها العادي.
فهما حالتان للقائمين على الملك جائزتان، كان على إحداهما سليمان وعلى الأخرى محمد- عليهما الصلاة والسلام- وحالة أفضل النبيين أفضل الحالتين. وقد اختار عمر- رضي الله عنه- الفضلى وأقر معاوية على الفاضلة الأخرى.
ولما كان محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- جاء بملك النبوة كان القرآن العظيم جامعا للأصول التي ينبني عليها ذلك الملك، وجاء فيه مثل هذه الآيات التي نكتب عليها ليبين صورة من صور ملك النبوة ومظهرا صادقا من مظاهره فيما قصت علينا من ملك سليمان-