إلى قسمين: شياطين الإنس وشياطين الجن، وذكر أن بعضهم يوحي إلى بعضٍ زخرف القول، وشيطان الجن ميسر للشر فكل من يعمل عمله من الإنس فهو مثله. ومن شياطين الإنس بطانة السوء وقرين السوء.
وورد في الآثار أن لكل إنسان قرينًا من الجن، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [1] وقال: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} [2] وهو من باب توزيع الجمع على الجمع، أي لكل واحد قرين، فهذا الإنسان الضعيف يلازمه قرين من الجن ثم لا يخلو من قرين أو قرناء من الإنس يزينون له ما بين يديه وما خلفه ويصدّونه عن ذكر الله فماذا يصنع؟ ما عليه إلّا أن يلتجى إلى الله ويستعيذ به ويتذكر فإنه لا يؤخذ وهو ذاكر مستيقظ وإنما يؤخذ إذا كان غافلًا، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [3] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [4].
ومن دقائق القرآن ولطائفه في البلاغة أنه يقدم أحد الاسمين المتلازمين في آية لسر من أسرار البلاغة يقتضيها ذلك المقام، ثم يؤخِّر ذلك المقدم في آية أخرى لسرّ آخر، فيقدم السماء على الأرض في مقام ويؤخرها عليها في مقام آخر، ومن هذا الباب تقديم الإنس على الجن [1] 43/ 36 الزخرف. [2] 41/ 25 فصلت. [3] 7/ 199 الأعراف و41/ 36 فصلت. [4] 7/ 200 الأعراف.