قرأ وقرأت معه الإخلاص ثم قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلما ختمهن قال: ما تعوّذ بمثلهن أحد. وكما جمع - صلى الله عليه وسلم - بينهن في التسمية والتعوذ جمع بينهن عمليًّا في قراءة الوتر.
هذا إجمال المناسبة الخاصة بين السور الثلاث.
...
سُورَةُ الْفَلَقِ: قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [1].
الأمر المفرد للنبي- عليه السلام-. ومن حسن الأدب في مقدرات القرآن أن تقدِّر في مثل هذا الأمر أيُّها الرسول أو أيُّها النبي، لأنهما الوصفان اللذان نطق بهما القرآن في نداء النبي- عليه السلام-، وأن لا نقدر يا محمد كما هو جار على الألسنة وفي التصانيف، فإن القرآن لم يخاطبه باسمه والأمر لنبيّنا أمر لنا لأننا المقصودون بالتكليف ولا دليل على الخصوصية فهو في قوّة: قل أنت، وقل لأمتك يقولون.
وأعوذ: أستجير وألتجيء ويتعدى هو وجميع تصاريفه بالباء، كأستجير. والعوذ والعياذ مصدران منه كالصوم والصيام، وفي القرآن مما جاء على المعنى اللغوي: يعوذون برجال من الجنّ [2] ومن كلام العرب: قد استعذت بمعاذٍ [3].
والرب: الخالق المكوّن المربي، ومواقع استعمال هذه الكلمة في القرآن هي التي تكشف كل الكشف عن معناها الكامل. [1] 113/ 1 الفلق. [2] وتمام الآية: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} وهي 72/ 6 الجن. [3] في الأساس (عوذ): لقد عذت بمعاد.