البصر، وإذا حصلت على ما يرضيها زالت عن ذلك التعلق وانكفت عن التشوف فسكنت العين فلم تمتد إلى غير ما عندها ولم يطمح البصر إليه، ولهذا كما كان قرور العين كناية عن رضى النفس وسكونها كان امتداد العين كناية عن اضطراب النفس وتشوفها وتعلقها وعليه قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [1]. فقرة أعينهم على هذا كناية عن رضى أنفسهم بما يكون لهم من أزواج وذرية موصوفين بالصفات المرضية من طاعة الله في القيام بوظائف الدين والدنيا وإعانتهم لهم على القيام بها.
المعنى:
ومن صفات عباد الرحمن أنهم يدعون ربهم يسألونه أن يهب لهم أزواجا وذرية تقر بهم أعينهم بأن يكونوا موصوفين بمثل صفاتهم سائرين على منهاجهم معينين لهم على ما هم عليه، ويسألونه أن يكونوا على أكمل حال في العلم والعمل والإستقامة يقتدي بهم فيها المتقون.
الأحكم: الأول: التزوج وطلب النسل هو السنة، سنة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وسنة أصحابه عليهم الرضوان، وسنة عباد الرحمن، وليس من شريعته الحنيفية السمحة الرهبانية والتبثل، وقد رأى قوم من الزهاد رجحان الإنقطاع إلى العبادة على التزوج والإشتغال بالسعي على الزوج والذرية فرد عليهم أئمة الدين والفتوى بأنَّ في التزوج [1] 131/ 20 طه.