أقسام الناس عند التذكير:
الناس عند تلاوة القرآن على قسمين معرضين ومقبلين. فالمعرضون غير المؤمنين. والمقبلون على قسمين مقبلين بظاهرهم دون باطنهم ومقبلين بظاهرهم وباطنهم، فالمقبلون بظاهرهم دون باطنهم هم المنافقون، والمقبلون بظاهرهم وباطنهم على قسمين: مستمعين مستبصربن حاضرين متدبرين، وغافلين غير متدبرين غير سامعين ولا مبصرين، والأقسام كلها مذمومة إلا قسم المقبلين بظواهرهم وبواطنهم المستمعين المستبصرين، وهذا القسم هو الذي وصف به عباد الرحمن فكانوا مباينين لأهل الإعراض من الكافرين والمنافقين ولأهل الغفلة وعدم التدبر من المؤمنين.
تحذير وتنبيه:
قد صورت الآية حالة المؤمن بالقرآن الذي ينكب عليه ويتلقاه بالقبول ثم لا يتفهمه ولا يتدبره بحالة الأصم الأعمى في عدم انتفاعه بما انكب عليه تقبيحا لعدم التفهم والتدبر من المؤمن للآيات وتحذيرا منه وتنبيها على أن الإنتفاع بالقرآن الذي تتفتح به البصائر وتتسع به المدارك وتتهذب به الأخلاق وتتزكى به النفوس وتتقوم به الأعمال وتستقيم به الأحوال إنما يكون بتفهمه وتدبره دون مجرد الانكباب عليه بلا تفهم ولا تدبر.
أمر وإرشاد:
الآيات الدالة على طلب التدبر والتفهم لآيات القرآن العظيم كثيرة منها هذه الآية ومنها قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)
(1) 29/ 38 ص.