الثامن الكلام على مثله وبين أن المحبة عبادة وأنها موضوعة كسائر العبادات الشرعية على الرجاء والخوف بالأدلة المتقدمة.
10 - وقال: وكان من دعائه صلى الله عليه وآله وسلم:
(اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك) وقد تقرر أن خوفه خوف اجلال وتعظيم لا خوف النار والعقاب اهـ، ونقول أن خوف الإجلال لا يخرج به العبد عن ضعف وذل العبودية ومشاهدة قوة وفضل الربوبية فلا يتجرد خوفه الإجلالي عن خوف المؤاخذة: المؤاخذة التي ليست ناراً ولا عذاباً ولكنها مؤاخذة مناسبة لذلك المقام العالي بدليل أن إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- وهو مثل نبينا عليه الصلاة والسلام في العصمة وعدم النار والعقاب وقد خاف المؤاخذة فقال: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} ولا خطيئة له ولجميع الأنبياء والمرسلين لا من الكبائر ولا من الصغائر على كل حال، وبدليل أنه هو عليه الصلاة والسلام قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري، وليس هذه لذنب لا صغير ولا كبير وانما هو لعلمه بالله وعظيم حقه وشدة تعظيمه لربه فيخاف المؤاخذة فيطلب المغفرة فبان بهذا أن خوف الإجلال لا يتجرد عن خوف المؤاخذة. وبعد هذا البيان نقول لحضرته لا تستدل بالحديث دون بيان رتبته ولا ذكر لمخرجه، وما هكذا يكون استدلال الأمناء من العلماء وأنه يرمي الأحاديث هكذا مهملة اختلط الحق بالباطل وتجرأ على السنة النبوية الغبي والجاهل حتى بلغ الأمر إلى نسبة الأحاديث إلى كتب الإسلام المتفق عليها ولا وجود لها فيها، أما نحن فلا نعرف هذا الدعاء في الصحاح المتداولة عندنا فليتك تبين من أين جئت به حتى نعرف مقدار ما تعتمد في احتجاجك عليه.