فأوجز بحذف المتعلق لوجود ما يدل عليه في اعتراضهم وفصل لأنه جواب عن اعتراضهم. {وَرَتَّلْنَاهُ}: وصل لأنه معطوف على أنزلناه المحذوف، والتنوين في {تَرْتِيلًا} تنوين تنويع وتعظيم أي نوعاً من الترتيل عظيماً.
المعنى:
وقال الذين كفروا- وهم قريس أو اليهود أو الجميع، وهو الظاهر لأن قريشاً واليهود كان يتصل بينهم الكلام في شأن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وشأن القرآن- قالوا معترضين ومقترحين: لمه لم ينزل عليه القرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة وغيرها ونزل عليه مفرقاً. فقال الله- تعالى- جواباً لهم وأنزلناه كذلك الإنزال مفرقاً لنثبت به قلبك فيسكن ويطمئن وتقوية فيصبر ويتحمل. وأنزلناه مرتلاً مفرقاً تفريقاً مرتباً منزلاً كل قسم منه في الوقت المناسب لإنزاله والحالة الداعية إليه اللائقة به.
مزيد بيان للإعتراض والجواب:
أما اعتراضهم فكان لأنهم سمعوا القرآن يذكر أن الكتاب أنزل على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كما أنزلت الكتب على الأنبياء- عليهم السلام- من قبله بمثل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} فقالوا لماذا نزل هذا الكتاب مفرقاً ولم ينزل مثل تلك الكتب جملة واحدة؟ وهم لما عجزوا عن معارضة أقصر سورة منه أخذوا يباهتون بالباطل ويعترضون بمثل هذا الإعتراض. وأما الجواب فكان ببيان حكمتين في إنزاله مفرقاً: الحكمة الأولى تثبيت قلبه والحكمة الثانية تفريقه مرتباً على الوقائع وكان في تينك الحكمتين مزيتان عظيمان للقرآن العظيم على غيره من كتب الله تعالى فكان ما اعترضوا به على أنه نقص فيه عنها هو كمال له عليها.