قاله معاذ ثلاث مرات ا. هـ فانظر في قطرنا وفي غير قطرنا كم تجد ممن بنى موضعاً للصلاة ووضع كتباً من عنده أو مما وضعه أسلافه من قبله وروَّجها بين أتباعه فأقبلوا عليها وهجروا القرآن. وربما يكون بعضهم قصد بما وضع النفع فأخطأ وجهه إذ لا نفع بما صرف عباد الله عن كتاب الله، وإنما يدعى لله بكتاب الله، ولذلك سمي صنيع هذا الواضع بدعة وضلالة، وحذر معاذ منه وأكد في التحذير بالتكرير. وهذا الحديث وإن كان موقوفاً على معاذ فهو في حكم المرفوع لأنه إخبار بمغيب مستقبل، وهذا ما كان يعلمه الصحابة- رضوان الله تعالى عليهم- إلا بتوقيف من النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وقد تحقق مضمونه في المسلمين منذ أزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سبيل النجاة:
لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه إلا بالرجوع إلى القرآن. إلى علمه، وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقه فيه وفي السنة النبوية شرحه وبيانه، والإستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحة الفهم والإعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والإهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين، وهذا أمر قريب على من قربه الله عليه ييسِّر على من توكل على الله فيه، وقد بدت طلائعه والحمد لله وهي آخذة في الزيادة إن شاء الله وسبحان من يحيي العظام وهي رميم.