المتعددة المتشعبة، والألف في {يَا وَيْلَتَى} منقلبة عن ياء المتكلم، والأصل يويلتي، نادَى ويلته أي هلكته لتحضر في ذلك الوقت لأنه وقتها وليس نداؤها رغبة في حضورها، فالهلاك لا يرغب فيه وإنما نادى الهلاك ليحضر لما حصل له من اليأس والقنوط من أسباب النجاة، فلم يبق له إلا الهلاك، كما يقول العليل للطبيب وقد آيس من معالجة جرح بيده مثلاً: اقطع فهذا وقت القطع، وهكذا يخرج كل نداء في حالة شدة لما لا يخلص منها، وإنما يزيد في اشدادها كما ينادي الشقي (يا شقوتاه) والمفتضح (يا فضيحتاه) والمصاب (يا مصيبتاه) وكنى بفلان لأن لكل ظالم خليلاً له اسمه الخاص فلا يمكن التصريح بأسماء الجميع، فما بقي إلا الكناية عنها بفلان، وجملة {لَقَدْ أَضَلَّنِي} بيان لسبب تمنيه السابق وأل في الشيطان والإنسان للجنس، فيدخل في جنس الشيطان خليل الظالم الذي صده عن الذكر وقرين خليله من الجن الذي سول له ذلك وأعانه. وقرينه هو الذي زينه له ودعاه إليه، والجملة من كلام الظالم لإعلان خيبته وإظهار ألمه منها لما وجد نفسه وحده مخذولاً ممن أضله وأغواه.
المعنى:
ويوم يعض الظالم لنفسه بالكفر لربه أو الشرك على يديه ندماً وحسرة على تفريطه وعدم اتباعه لسبيل الحق مع الرسول الذي أرسل إليه وعلى توريطه لنفسه بصحبته لخليله وطاعته له حتى صرفه عن الإيمان بالقرآن بعد ما جاءه وسمعه وتمكن من الإيمان به فأغواه ذلك الخليل وقرينه، وقرينه [1] هو حتى أردوه ثم خذلوه في ذلك اليوم العظيم وفي وقت الحسرة والندامة فلم يجد منهم نصراً ولا معونة كما هو شأن الشياطين في خذلان من يغووه ويردوه (2).
(1 و 2) كذا في الأصل.