العظمة الحقيقية بالكمال والإنعام والتقديس بالتنزه التام ليسا إلا له وما من كامل من مخلوقاته إلا وهو- جل جلاله- الذي كمله وما من منعم عليه منهم إلا وهو- تعالى- الذي أنعم عليه وما من زكي منهم إلا وهو- سبحانه- الذي زكاه.
سلوك:
هذا الرب الكامل المكمل المنعم المتفضل القدوس المقدس هو الذي أنرل هذا الفرقان، فإذا أردت أن ترقى في درجات الكمال وتظفر بأنواع الإنعام وتزكي نفسك الزكاء التام فعليك بهدى هذا الفرقان، فهو بساط القدس ومعراج الكمال ومائدة الإكرام وقد سئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت كان خلقه القرآن.
تفقه واستنباط:
لما سمى الله كتابه الفرقان علمنا أنه به يفرق بين الحق والباطل وأهل هذا وذاك، فهو الحكم العدل والقول الفصل بين كل متنازعين يدعي كل منهما أنه على الحق فيما هو عليه من عقد أو قول أو عمل، فما تقابل حق وباطل وما تعالجت حجة وشبهة إلا وفي هذا الكتاب الحكيم ما يفرق ما بينهما وإنما يتفاوت الناس في إدراك ذلك منه على حسب ما عندهم من قوة علم وصدق بصيرة وحسن إخلاص، فعلينا - إذاً- أن يكون أول فزعنا في الفرق والفصل إليه، وأن يكون أول جهدنا في استجلاء ذلك من نصوصه ومراميه مستعينين بالسنة القولية والعملية على استخراج لآليه. فإذا حكم قبلنا وسلمنا وكنا مع ما حكم له وفارقنا ما حكم عليه، فالله سماه الفرقان لنعلم أنه فارق بنفسه ولنعمل بالفرق به ولا يكمل إيماننا بأنه الفرقان إلا بالعلم والعمل.
ولما جعل- تعالى- غاية تنزيل الفرقان أن يكون عبده نذيراً