فالإيمان والتقوى- هما العلاج الوحيد لنا من حالتنا لأننا إذا التزمناهما نكون قد أقلعنا عن أسباب العذاب. ولا ننهض بهذا العلاج العظيم إلا إذا قمنا متعاونين أفراداً وجماعات، فجعل كل واحد ذلك نصب عينيه وبدأ به في نفسه، ثم في من إليه ثم في من يليه من عشيرته وقومه، ثم جميع أهل ملته. فمن جعل هذا من همه وأعطاه ما قدر عليه من سعمه كان خليقاً أن يصل إلى غايته أو يقرب منها. ولنبدأ من الإيمان بتطهير عقائدنا من الشرك وأخلاقنا من الفساد وأعمالنا من المخالفات، ولنستشعر أخوة الإيمان التي تجعلنا كجسد واحد، ولنشرع في ذلك غير محتقرين لأنفسنا ولا قانطين من رحمة ربنا ولا مستقلين لما نزيله كل يوم من فسادنا، فبدوام السعي واستمراره يأتي ذلك القليل من الإصلاح على صرح الفساد العظيم من أصله، وليكن دليلنا في ذلك وأمامنا كتاب ربنا، وسنة نبينا، وسيرة صالح سلفنا. ففي ذلك كله ما يعرفنا بالحق ويبصرنا في العلم ويفقهنا في الدين ويهدينا إلى الأخذ بأسباب القوة والعز والسيادة العادلة في الدنيا، ونيل السعادة الكبرى في الأخرى. وليس هذا عن العاملين ببعيد. وما هو على الله بعزيز.
رجاء وتفاؤل:
إن المطلع على أحوال الأمم الإسلامية يعلم أنها قد شعرت بالداء، وأحست بالعذاب، وأخذت في العلاج، وأن ذلك وإن كان يبدو اليوم قليلاً لكنه - بما يحوطه من عناية الله وما يبذل فيه من جهود المصلحين - سيكون بإذن الله كثيراً وعسى أن يكون في ذلك خير لأمم الأرض أجمعين.
حقق الله الآمال وسدد الأعمال بلطف منه وتيسير، إنه نعم المولى ونعم النصير [1]. [1] ش: ج1 م 7 ص 1 - 6 رمضان 1349 - فيفري 1931