بهما لأنهم ما دعوهم الاّ لكونهم آلهة في زعمهم. ولا يملكون: وقع بعهد الفاء ولم يجزم في جواب الأمر لأنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهم لا يملكون، وهذا لأن الفاء قصد بها العطف ولم يقصد بها السببية، ولا يصح أن تقصد بها السببية لأن ذلك يقتضي أن يكون عدم ملكهم متسببا عن الدعاء مثلها في قول الشاعر:
رَبِّ وَفِّقْنِي فَلاَ أَعْدِلَ عَنْ ... سَنَنِ السَّاعِينَ فِي خَيْرِ سَنَنْ
فإن عدم العدول متسبب عن التوفيق. وليس كذلك الأمر في هذه الآية، فإن عدم ملكهم متحقق سواء دعوا أم لم يدعوا، فلذلك امتنع النصب ووجب الرفع على التقدير المتقدم.
المعنى:
قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين اتخذوا آلهة من دون الله فعبدوها، أدعوا معبوداتكم هذه التي زعمتموها آلهة من دون الله عندما ينزل بكم الضر، وأنظروا هل تستطيع تلك المعبودات الباطلة أن تكشف وتزيل عنكم ذلك أو أن تحوله عنكم إلى غيركم، فإنكم تجدونها عاجزة عن ذلك غير قادرة على شيء منه، وإنما يقدر على ذلك الإله الحق وهو الله الذي خلقها وخلقكم فاعبدوه هو وأدعوه هو واقلعوا عن عبادة ودعاء ما سواه.
الأحكام:
تدل الآية على أن دعاء غير الله تعالى لدفع الضر- ومثله جلب النفع- عبادة للمدعو، فإن المشركين كانوا يتعبدون لآلهتهم بهذا الدعاء الذي نهاهم الله تعالى عنه ببيان خيبتم فيه ووقوعه في غير محله. وتسمية الدعاء عبادة ثابتة لغة وشرعاً بغير ما دليل، منها حديث النعمان بن بشير عند أحمد وأصحاب السنن مرفوعاً