وهلاكهم- هو القول الحسن، ولهذا أمر الله تعالى نبيه - صلى الثه عليه وآله وسلم - أن يرشد العباد إلى قول التي هي أحسن فقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
والعباد المأمورون هنا هم المؤمنون لوجهين: الأول أنهم أضيفوا إليه، وهذه إضافة شرف لا يكون إلا للمؤمنين به. الثاني: أن الذين يخاطبون بهذا الإرشاد ويكون منهم الإمتثال إنما هم من حصلوا على أصل الإيمان.
والتي هي أحسن: هي الكلمة الطيبة والمقالة التي هي أحسن من غيرها فيعم، ذلك ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس حتى ينادي بعضهم بعضاً بأحب الأسماء إليه، وما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات وأقربها للفهم، حتى لا يحدث الناس بما لا يفهمون، فيكون عليهم حديثه فتنة وبلاء، وما يكون من الكلام في مقام التنازع والخصام فيقتصر على ما يوصله إلى حقه في حدود الموضوع المتنازع فيه، دون إذاية لخصمه ولا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به- وما يكون من باب إقامة الحجة وعرض الأدلة، فيسوقها بأجلى عبارة وأوقعها في النفس، خالية من السب والقدح، ومن الغمز والتعريض، وأدنى تلميح إلى شيء قبيح.
وهذا يطالب به المؤمنون سواء كان ذلك فيما بينهم أو بينهم وبين غيرهم، وقد جاء في الصحيح أن رهطاً من إليهود دخلوا على النبي - صله الله عليه وآله وسلم - فقالوا السام عليكم، ففهمتها عائشة - رضي الله عنها - فقالت: وعليكم السام واللعنة. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقالت: ألم تسمع ما قالوا؟ فقال: قد قلت: وعليكم. فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم، وهو قوله: وعليكم، أحسن من الرد عليهم باللعنة. فقال- صلى الله عليه وآله