وأمور دنياها فيقودونها بغير علم فيَضِلُّون ويُضَلَّون ويَهلَكون ويُهلِكون ويفسدون ولا يصلحون. وما أكثر هذا- على أخذه في الزوال بإذن الله- في أمم الشرق والإسلام اليوم.
العلم هو وحده الإمام المتبع في الحياة في الأقوال والأفعال والإعتقادات:
سلوك الإنسان في الحياة مرتبط بتفكيره ارتباطاً وثيقاً، يستقيم باستقامته ويعوج باعوجاجه ويعقم بعقمه. لأن أفعاله ناشئة عن اعتقاداته، وأقواله إعراب عن تلك الإعتقادات، واعتقاداته ثمرة إدراكه الحاصل عن تفكيره ونظره.
وهذه الإدراكات الحاصلة عن التفكير والنظر ليست على درجة واحدة في القوة والضعف، فمنها ما هو قويٌّ معتبر، ومنها ما هو ضعيف ساقط عن الإعتبار، فالأول: العلم وهو إدراك أمر على وجه لا يحتمل أن يكون ذلك الأمر على وجه من الوجوه سواه وهو عام الإعتبار. ويليه الظن وهو إدراك لأمر على وجه هو أرجح الوجوه المحتملة، وهو معتبر عندما نتبين قوة رجحانه فيما لا يمكن فيه إلا ذاك، وهذه هي الحالة التي يطلق عليه فيها لفظ العلم مجازاً. والثاني: الوهم، وهو إدراك الأمر على الوجه المرجوح. والشك وهو إدراك الأمر على وجهين، وجوه متساوية في الإحتمال وكلا هذين لا يعوَّل عليه.
ولما كان الإنسان- بما فطر عليه من الضعف والإستعجال- كثيراً ما يبني أقواله وأفعاله واعتقاداته على شكوكه وأوهامه وعلى ظنونه حيث لا يكتفي بالظن، وفي هذا البناء الضرر والضلال. بين الله تعالى في محكم كتابه أنه لا يجوز لهم ولا يصح منهم البناء لأقوالهم وأعمالهم واعتقاداتهم إلا على إدراك واحد وهو العلم فقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي لا تتبع