فابتداء الأشد من البلوغ إذا كان معه رشد، ولا يزال يتدرج حتى يستكمل في الأربعين كما قال تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}. فالأربعون هي سن الإستكمال والإستواء والتمام في القوى، وهي السن التي بعث الله فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للعالمين بشيراً ونذيراً، ولا يزال الإنسان في قوته - ما لم تعرض الطوارىء- إلى الخمسين، قال الشاعر (2):
أَخُو الْخَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي ... وَنَجَّذَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ
ثم يأخذ في التراجع.
مال المرء كقطعة من بدنه ويدافع عنه كما يدافع عن نفسه. وبه قوام أعماله في حياته. فالأموال مقرونة بالنفوس كما في الإعتبار، فقرنت في النظم آية حفظ الأموال بآيات حفظ النفوس، كما قرن بينهما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
نهى تعالى عن قربان مال اليتيم إلا بالوجه الذي هو أنفع، فلا بد لكافل اليتيم من النظر والتحري عند التصرف في ماله حتى يعرف ما هو ضار وما هو نافع وما هو ضار ولا نافع وما هو أنفع فلا يتصرف إلا بما هو نافع، فإذا تعارض وجهان نافعان تحرى أنفعها لليتيم، وفي هذا النهي- بطريق الأحرى- تحريم أخذ مال اليتيم بالباطل والتعدي عليه ظلماً. ومثل اليتيم في وجهي النهي المتقدمين غيره، فكل ذي ولاية أو أمانة على مال غيره يجب عليه أن يتحرى التحريم المذكور. كما يحرم على كل أحد أن يتعدى على مال غيره. وإنما
(1) هو سحيم عبد بني الحسحاس.