والثواب يستوقف على نية الإخلاص- لا أجر له. هذا إذا سوى ما بينهما في القصد كما هو ظاهر لفظ الحديث. وأما إذا كان الغالب هو قصد العبادة فالظاهر أنَّه له من الأجر بقدر ما غلب من قصده.
القسم الثالث:
العامل في العبادة الذي يكون قصده إلى ثواب الآخرة، وما عداه من منافع تلك العبادة ملحوظ له على سبيل التبع لها، من حيث أنه مصلحة شرعية معتبرة في التشريع. والأحكام الشرعية المعللة بفوائدها في الآيات والأحاديث لا تحصى كثرة ومنها في الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [1].
ومن منافع الحج الحركة الإقتصادية لخير تلك البقاع ومصلحة أهلها وغزارة عمرانها، ولذا قال تعالى:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [2] والفضل هو الإتجار في مواسم الحج. فكل منفعة تجلبها عبادة أو مضرة تدفعها فملاحظتها عند قصد العبادة لا تنافي الإخلاص ولا تنقص من أجر العامل، وهي مثل الثواب المرتب على العمل. هي في الدنيا وهو في الآخرة وكلاهما من رحمة الله التي نرجوها بأعمالنا، ويشملها لفظ دعاء القنوت: «نرجو رحمتك» إذ هو تبارك وتعالى رحمان الدنيا والآخرة ورحيمها.
القسم الرابع:
العامل لعمل عادي دنيوي من أكل وشرب ونوم وجماع ونحوها، فهذا إذا قصد بعملها النفع الدنيوي، ولا قصد له في الثواب، فهو غير مأجور ولا مأزور. وهذه هي حالة أهل الغفلة والجهل. [1] 22/ 28 الحج. [2] 2/ 198 البقرة.