بذكر القلب ومن ثمراته. وسمى الله- تعالى- نبيّه - صلى الله عليه وسلم - ذكراً في قوله: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا، رَسُولًا [1]} لأنه مخبر عن ربه ومبلغ للذكر، أو لأنه هو- صلى الله عليه وآله وسلم- يذكر في الصلاة عليه والحديث، وفي سيره وشمائله بالألسنة والقلوب. وعبر عن إرساله بالإنزال لأن رسالته وحي من العلي الأعلى، وأعظم رحمة نزلت من السماء. وسمي الله الآيات الكونية المشاهدة ذكراً في قوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا [2]} لأنها تحدث الذكر في القلب كما تحدثه آياته المتلوة التي تسمى أيضاً ذكراً. فالمعنى أنه كما لم يكن لهم ذكر في قلوبهم من الآيات المتلوة، لأنهم كانوا لا يستطيعون سمعاً، كذلك لم يكن لهم من الآيات المرئية لأن أعينهم في غطاء.
أقسام الذكر:
5 - قد كثر ورود لفظ الذكر في آيات القرآن وأحاديث السنة، وهو منقسم إلى ثلاثة أقسام، مراده من تلك النصوص: ذكر القلب فكراً واعتقاداً واستحضاراً، وذكر اللسان قولاً، وذكر الجوارح عملاً. وسنتكلم عليها واحداً واحداً.
ذكر القلب وهو على ثلاثة ضروب:
الأول: التفكر في عظمة الله وجلاله، وجبروته وملكوته، وآياته في أرضه وسمواته وجميع مخلوقاته، والتفكر- أيضاً- في أنواع آلائه وعظيم إنعامه على خلقه عامة وعلى الإنسان خاصة بما سخَّر [1] 65/ 20 الطلاق. [2] 102/ 18 الكهف.