responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 320
-----------------

2 - كلمة التصدير لهذا العدد*
-----------------
سُئل بعض العلماء: أية آية تصلح أن تكون عنوانًا على القرآن كله بحيث إذا كُتبت على ظهر المصحف كانت تعريفًا كاملًا به، شاملًا لجميع المعاني الكلية التي يجدها المتصفح فيه كما تعرف الكتب الكبيرة بجمل قصيرة، فكان جواب هذا العالم: الآية التي تصلح لذلك هي قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
ولعمري، لقد وُفّق هذا العالم القرآني إلى الصواب فيما أجاب به. فالقرآن كتاب يحمل في ثنييه دين الله الكامل، وكل ما سبقه من الكتب والصحف فهي إرهاصات له وبشارات به وإشارات إليه. ابتعث به نبيه الأمين محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لهذا العالم الإنساني كله حين بلغ رشده الاجتماعي واستعد للكمال واستشرف لسائق من وراء العقل يكون سندًا له إذا زلّ، وهاديًا له إذا ضل، ومصححًا لخطإه إذا أخطأ، ومخرجًا له من ظلمات الحيرة إذا التبست عليه مناهج الحياة، ومفسحًا له في آماله إذا ضيقت عليه هذه الحياة المحدودة حدود الآمال، ومحررًا له من أصناف العبودية الفكرية والبدنية التي تقلب فيها قرونًا، ومرشدًا إياه إلى وسائل الكمال التي كان يطلبها فلا يجدها.
والآية الكريمة التي جعلها جوابًا لسائله بيان إلهي معجز للحكم التي اقتضت نزول القرآن والحكم التي نزل لبيانها القرآن والمثل العليا للكمال الإنساني الذي دعا إليه القرآن متدرجة في وضعها البياني تدرجها الطبيعي من نفس سامعها، بلاغ فإنذار، فعلم، فتذكّر.
وأمثال هذا العالم من ربانيّ هذه الأمّة ممن درسوا القرآن وتدبروه ومارسوه وراضوا أنفسهم على بيانه، واستنبطوا منه الحكم التي أنزل لتحقيقها والعلوم التي جاء لتجليتها على الناس، يكون من خصائصهم هذه الملكة، ملكة استعراض القرآن في مثل ارتداد الطرف كلما تحرك لهم وجدان وأرادوا أن يزنوه، أو نجم في آفاق نفوسهم خاطر وأرادوا أن يصححوه، أو ألقي عليهم سؤال وأرادوا أن يجيبوا عليه.
وما ظن بصاحبنا هذا أنه راعى القانون الاصطلاحي الجدلي في انطباق الجواب على السؤال، وإنما هي هيمنة القرآن على نفوس أصحابه، وإلهامها الإصابة في الرأي والتسديد في الجواب والفيح في الخصومة.

* "الشهاب"، الجزء الرابع، المجلد الرابع عشر، جوان- جويلية 1938، [ص:156].
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست