responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 177
إننا لا نحمل لهؤلاء المشائخ ولا لأولادهم ولا لأحفادهم حقدًا ولا نضطغن عليهم شيئًا، ولا ننفس عليهم مالًا من الأمة ابتزوه، ولا جاهًا على حسابها أحرزوه، وليس بيننا وبينهم ترات قديمة، ولا ذحول متوارثة، ولا طوائل مغرومة. وإنما هو الغضب لله ولدينه وحرماته انطقنا فقلنا، وشنناها غارة شعواء على الآباء والأبناء، ما دام هذا الغصن من تلك الشجرة، ولو كنا من الشعريات بسبيل لقلنا مع القائل:
لَا أَذُودُ الطَّيْرَ عَنْ شَجَرٍ … قَدْ بَلَوْتُ الْمُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ

أول صيحة ارتفعت بالإصلاح في العهد الأخير:
لا نزاع في أن أول صيحة ارتفعت في العالم الإسلامي بلزوم الإصلاح الديني والعلمي في الجيل السابق لجيلنا هي صيحة إمام المصلحين الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده- رضي الله عنه- وأنه أندى الأئمة المصلحين صوتًا وأبعدهم صيتًا في عالم الإصلاح. فلقد جاهر بالحقيقة المرة، وجهر بدعوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى الرجوع إلى الدين الصحيح والتماس هديه من كتاب الله ومن سنة نبيه، وإلى تمزيق الحجب التي حجبت عنا نورهما وحالت بيننا وبين هديهما مبينًا بصوت يسمع الصم، وبلاغة تستنزل العصم، ان علة العلل في سقوط المسلمين وتأخرهم وراء الأمم، وانحطاطهم عن تلك المكانة التي كانت لهم في سالف الزمن هي بعدهم عن ذلك الهدي الروحاني الأعلى. وانه لا يرجى لهم فلاح في الدنيا ولا في الآخرة، ولا صلاح حال يستتبع صلاح المآل، ولا عزة جانب، ترد عنهم عادية الغاصبين من الأجانب، إلّا إذا راجعوا بصائرهم، واسترجعوا ذلك الهدي الذي لم يغصبه منهم غاصب، وإنما هجروه عن طوع أشبه بالكره، واختيار أشبه بالاضطرار، فباءوا بالمهانة والصغار، والضعة والخسار.
كانت تلك الصيحة الداوية من فم ذلك المصلح العظيم صاخّة لآذان المتربصين بالإسلام، ولآذان المبطلين من تجار الولاية والكرامات وعبدة الأجداث والأنصاب، ولآذان الجامدين من العلماء. وجموا لها وملكتهم غشية الذهول علمًا منهم أن أول آثارها إذا تغلغلت في النفوس هو قطع الطريق على المتربصين وهدم سلطان المبطلين الزائف، ومكانتهم الكاذبة، وجاههم الخادع، وجفاف المراعي الخصبة التي كانوا يسيمون فيها شهواتهم ولذاتهم، ونضوب المنابع الروية من المال التي كانوا يعلّون منها وينهلون.
ولقد وقفوا بعد زوال تلك الغشية صفًا واحدًا في وجه ذلك المصلح يجادلونه بالبهت، ويكايدونه بالإفك، وألبوا عليه الألسنة والأقلام، ووقفوا له بكل مرصد، ورموه بكل نقيصة. فلم ينالوا منه نيلًا إلّا قولهم إنه كافر، وهنة وهنة، وهذه هي النغمة المرددة التي كان فقهاء

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست