responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 164
أدبهم قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة.
وكان العلماء هم المرجع الأعلى للعامة في كل ما يحزبُها من شؤون دينها يرجعون إليهم بلا عصبية ويصدرون عن رأيهم بلا عصبية، وكان العلماء يمثلون الاستخلاف الديني والوراثة النبوية تمام التمثيل، يقودون الأمة بالحق إلى الحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
وأول ما نشأ في المجتمع الإسلامي من جراثيم التفرق في الدين الكلام في القدر والخوض في الصفات، وقارن ذلك حدوث الخلاف في الخلافة هل هي شعبة من الدين تفتقر إلى تنصيص من الشارع، أو هي مصلحة دنيوية ترجع إلى اختيار أهل الرأي من الأمة، وقد سبق الخلاف العملي الخلاف العلمي في هذه المسألة، وهي المعترك الأول الذي اشتجرت فيه الآراء حتى تطرفت، بعد أن اشتجرت فيه الرماح حتى تقصفت، كما أنها أول مسألة امتزجت فيها الأنظار الدينية بالأنظار الدنيوية (أو السياسة) كما يقولون اليوم، وفي هذا المعترك نبتت جرثومة التعصب الخبيثة.
ثم توسعت الفتوحات وبسط الإسلام ظله على كثير من الممالك التي كانت لها أثارة من عمران وشيء من سلطان، ودانت له كثير من الأمم، وفي كل أمة طوائف دخلت في الإسلام وهي تحمل أوزارًا من بقايا ماضيها، وما كادت هذه المجموعات البشرية تمتزج ويفعل الإسلام فيها فعله، حتى ظهرت عليها أعراض التفرق.
فظهر أصحاب المقالات في العقائد، وأحدثوا بدعة التأويل الذي هو في الحقيقة تحريف مسمى بغير اسمه.
وتوفرت الدواعي لظهور المذاهب الفقهية والمذاهب الكلامية والمذاهب الصوفية في أزمنة متقاربة، وكان لترجمة الفلسفة اليونانية والحكمة الفارسية والهندية أثر قوي في تعدد المذاهب الكلامية والصوفية، بما أتت به الأولى من بحث في الالهيات على الطريقة العقلية الصرفة، وبما غذّت به المتكلمين من الأنظار المختلفة وأمدتهم به من طرائق الجدل وقوانينه، وهذا، هو مبدأ التفرق الحقيقي في الدين، لأن المتكلمين يزعمون أن علومهم هي أساس الإسلام، والصوفية يقولون إن علومهم هي لباب الشريعة وحقيقتها.
أما المذاهب الفقهية فحدوثها ضرووي وطبيعي ما دامت السنة لم تجمع، وبعد جمعها لم تكن وافية بالتنصيص على الوقائع. الجزئية، ومتونها وأسانيدها بعد خاضعة للتزكية

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست