responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 134
يحسن- ثم غلب ما يقبح على ما يحسن فخرجت الفضيلة الإسلامية من عقل المسلم ومن نفسه وحلّت محلها الرذيلة- ثم جاء الاحتكاك بالأجانب عن هذا الدين ومعهم عاداتهم وأخلاقهم فوجدت السبيل ممهدًا، ووجدت نفوس المسلمين عورات بلا مدافع ولا محام فتمكّنت فيها ومكّنت لغيرها، والشر يعدي، وكان من نتائج ذلك ما ترون من انحلال وتفكّك.
ولو كنّا نعبد الله حق عبادته ونبني العبادة الخالصة على عقيدة خالصة، لكان من آثار تلك العبادة في نفوسنا ما يقيها من شرور هذه العوائد العادية.
واختلّت الأخلاق وفي اختلالها البلاء المبين، وان الأخلاق في دينكم هي شعب الإيمان، فلا يختلّ خلق إلا وتضيع من الإيمان شعبة. وقد أجمع حكماء الأمم على هذه الحقيقة التي قرّرها الإسلام بدلائله وأصوله وهي أن الأمم لا تقوم ولا تحفظ وجودها إلا برسوخ الأخلاق الفاضلة في نفوس أفرادها.
ولهذا نرى الإسلام يأخذ في شرطه على أبنائه أن يتآمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر، ويبدئ في هذا المعنى ويعيد، ويضرب الأمثال ويبيّن الآثار، ويلفت النفوس إلى الاعتبار بمن مضوا وإلى سنن الله الخالية فيهم.
لو لم يكن من أصول دينكم، أيها الإخوة، وتعاليمه إلّا هذا الأصل- وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- لكفاه دلالة على أنه دين اجتماع وعمران وحياة وبقاء، ولو لم نُضِع- فيما أضعنا من تلك الأصول- إلا هذا الأصل لكفانا مقتًا واستحقاقًا لغضبه واستبداله بنا قومًا غيرنا.
وأما إحياء مجد اللسان العربي فلأنه لسان هذا الدين والمترجم عن أسراره ومكنوناته، لأنه لسان القرآن الذي هو مستودع الهداية الإلهية العامة للبشر كلهم، لأنه لسان محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - صفوة الله من خله، والمثل الأعلى لهذا النوع الإنساني الذي هو أشرف مخلوقات الله، ولأنه لسان تاريخ هذا الدين ومُجَلّي مواقع العبر منه، ولأنه قبل ذلك وبعد ذلك لسان أمة شغلت حيّزًا من التاريخ بفطرتها وآدابها وأخلاقها وحكمها وأطوارها وتصاريفها في الحياة، ودولها في الدول، وخيالها اللامع الخاطف الذي هو أساس فنّها وآرائها في عالمي الكون والفساد.
وكلّكم يعلم أن هذا اللسان ضاع من بيننا فأضعنا بضياعه كل ذلك التراث الغالي النفيس من دين وتاريخ، وأن اللغة هي المقوّم الأكبر من مقوّمات الاجتماع البشري، وما من أمة أضاعت لغتها إلا وأضاعت وجودها، واستتبع ضياع اللغة ضياع المقوّمات الأخرى.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست