نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 21 صفحه : 444
واعلم أن قول عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، الذي أنكره عليه معاوية في الحديث المذكور، إنه سيكون ملك من قطحان إذا كان عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما يعني به القحطاني الذي صحت الرواية بملكه، فلا وجه لإنكاره لثبوت أمره في الصحيح، من حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه». أخرجه البخاري في «كتاب الفتن» في «باب تغير الزمان حتى يعبدوا الأوثان»، وفي «كتاب المناقب» في «باب ذكر قحطان». وأخرجه مسلم في «كتاب الفتن وأشراط الساعة» في «باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء» وهذا القحطاني لم يعرف اسمه عند الأكثرين. وقال بعض العلماء اسمه جهجاه. وقال بعضهم: اسمه شعيب بن صالح. وقال ابن حجر في الكلام على حديث القطحاني هذا ما نصه: وقد تقدم في الحج أن البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج: وتقدم الجمع بينه وبين حديث: «لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت. وأن الكعبة يخربها ذو السويقتين من الحبشة» فينتظم من ذلك أن الحبشة إذا خربت البيت خرج عليهم القحطاني فأهلكهم، وأن المؤمنين قبل ذلك يحجون في زمن عيسى بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم، وأن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين تبدأ بمن بقي بعد عيسى ويتأخر أهل اليمن بعدها.
ويمكن أن يكون هذا مما يفسر به قوله: «الإيمانُ يمانٍ» أي: يتأخر الإيمان بها بعد فقده من جميع الأرض. وقد أخرج مسلم حديث القحطاني عقب حديث تخريب الكعبة ذو السويقتين فلعله رمز إلى هذا. انتهى منه بلفظه واللَّه أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم.
الثاني: من شروط الإمام الأعظم: كونه ذكرًا ولا خلاف في ذلك بين العلماء، ويدل له ما ثبت في «صحيح البخاري» وغيره من حديث أبي بكر رضي اللَّه عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن فارسًا ملّكوا ابنة كسرى قال: «لَنْ يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة». الثالث: من شروط الإمام الأعظم كونه حرًّا. فلا يجوز أن يكون عبدًا، ولا خلاف في هذا بين العلماء.
فإن قيل: ورد في الصحيح ما يدل على جواز إمامة العبد. فقد أخرج البخاري في (صحيحه) من حديث أنس بن م?لك رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة».
ولمسلم من حديث أم الحصين: اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اللَّه.
ولمسلم أيضًا من حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه أوصاني خليلي أن أطيع وأسمع، وإن كان عبدًا حبشيًا مجدع الأطراف. فالجواب من أوجه:
الأول: أنه قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود؛ فإطلاق العبد الحبشي لأجل المبالغة في الأمر بالطاعة، وإن كان لا يتصور شرعًا أن يلي ذلك، ذكر ابن حجر هذا الجواب عن الخطابي، ويشبه هذا الوجه قوله تعالى?: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـ?نِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ?لْعَـ?بِدِينَ} على أحد التفسيرات.
الوجه الثاني: أن المراد باستعمال العبد الحبشي أن يكون مؤمرًا من جهة الإمام الأعظم على بعض البلاد وهو أظهرها، فليس هو الإمام الأعظم. الوجه الثالث: أن يكون أطلق عليه اسم العبد؛ نظرًا لاتصافه بذلك سابقًا مع أنه وقت التولية حر، ونظيره إطلاق اليتم على البالغ باعتبار اتصافه به سابقًا في قوله تعالى?: {وَءاتُواْ ?لْيَتَـ?مَى? أَمْو?لَهُمْ}، وهذا كله فيما يكون بطريق الاختيار. أما لو تغلب عبد حقيقة بالقوة فإن طاعته تجب؛ إخمادًا للفتنة وصونًا للدماء ما لم يأمر بمعصية كما تقدمت الإشارة إليه.
والمراد بالزبيبة في هذا الحديث، واحدة الزبيب المأكول المعروف، الكائن من العنب إذا جف، والمقصود من التشبيه: التحقير وتقبيح الصورة؛ لأن السمع والطاعة إذا وجبا لمن كان كذلك دل ذلك على الوجوب على كل حال إلا في المعصية كما يأتي ويشبه قوله صلى الله عليه وسلم: «كأنه زبيبة». قول الشاعر يهجو شخصًا أسود: دنس الثياب كأن فروة رأسه غرست فأنبت جانباها فلفلا
الرابع: من شروطه أن يكون بالغًا. فلا تجوز إمامة الصبي إجماعًا لعدم قدرته على القيام بأعباء الخلافة.
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 21 صفحه : 444