نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 21 صفحه : 440
سبحانه وتعالى أنه ليس بموته ولا قتله ينتقض حكم رسالته كما ينتقض حكم الإمامة بموت الأئمة وقتلهم وأنه ليس من شرطه أن يكون خالدا لا يموت فإنه ليس هو ربا وإنما هو رسول الله قد خلت من قبله الرسل وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وعبدالله حتى أتاه اليقين من ربه فطاعته واجبة بعد مماته وجوبها في حياته وأوكد لأن الدين كمل واستقر بموته فلم يبق فيه نسخ ولهذا جمع القرآن بعد موته لكماله واستقراره بموته فإذا قال القائل إنه كان إماما في حياته وبعده صار الإمام غيره إن أراد بذلك أنه صار بعده من هو نظيره يطاع كما يطاع الرسول فهذا باطل وإن أراد أنه قام من يخلفه في تنفيذ أمره ونهيه فهذا كان حاصلا في حياته فإنه إذا غاب كان هناك من يخلفه وإن قيل إنه بعد موته لا يباشر معينا بالأمر بخلاف حياته قيل مباشرته بالأمر ليست شرطا في وجوب طاعته بل تجب طاعته على من بلغه أمره ونهيه كما تجب طاعته على من سمع كلامه وقد كان يقول ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع وإن قيل إنه في حياته كان يقضي في قضايا معينة مثل إعطاء شخص بعينه وإقامة الحد على شخص بعينه وتنفيذ جيش بعينه
قيل نعم وطاعته واجبة في نظير ذلك إلى يوم القيامة بخلاف الأئمة لكن قد يخفى الاستدلال على نظير ذلك كما يخفى العلم على من غاب عنه فالشاهد أعلم بما قال وأفهم له من الغائب وإن كان فيمن غاب وبلغ أمره من هو أوعى له من بعض السامعين لكن هذا التفاضل الناس في معرفة أمره ونهيه لا لتفاضلهم في وجوب طاعته عليهم فما تجب طاعة ولي الأمر بعده إلا كما تجب طاعة ولاة الأمور في حياته فطاعته واجبة شاملة لجميع العباد شمولا واحدا وإن تنوعت طرقهم في البلاغ والسماع والفهم فهؤلاء يبلغهم من أمره لم يبلغ هؤلاء وهؤلاء يسمعون من أمره ما لم يسمعه هؤلاء وهؤلاء يفهمون من أمره ما لم يفهمه هؤلاء وكل من أمر بما أمر به الرسول وجبت طاعته طاعة الله ورسوله لا له وإذا كان للناس ولي أمر قادر ذو شوكة فيأمر بما يأمر ويحكم بما يحكم انتظم الأمر بذلك ولم يجز أن يولى غيره ولا يمكن بعده أن يكون شخص واحد مثله إنما يوجد من هو أقرب إليه من غيره فأحق الناس بخلافة نبوته أقربهم إلى الأمر بما يأمر به والنهي عما نهى عنه ولا يطاع أمره طاعة ظاهرة غالبة إلا بقدرة وسلطان يوجب الطاعة كما لم يطع أمره
في حياته طاعته ظاهرة غالبة حتى صار معه من يقاتل على طاعة أمره فالدين كله طاعة لله ورسوله وطاعة الله ورسوله هي الدين كله فمن يطع الرسول فقد اطاع الله ودين المسلمين بعد موته طاعة الله ورسوله وطاعتهم لولي الأمر فيما أمروا بطاعته فيه هو طاعة لله ورسوله وأمر ولي الأمر الذي أمر الله أن يأمرهم به وقسمه وحكمه هو طاعة لله ورسوله فأعمال الأئمة والأمة في حياته ومماته التي يحبها الله ويرضاها كلها طاعة لله ورسوله ولهذا كان أصل الدين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا قيل هو كان إماما وأريد بذلك إمامة خارجة عن الرسالة أو إمامة يشترط فيها ما لا يشترط في الرسالة أو إمامة تعتبر فيها طاعته بدون طاعة الرسول فهذا كله باطل فإن كل ما يطاع به داخل في رسالته وهو في كل ما يطاع فيه يطاع بأنه رسول الله ولو قدر أنه كان إماما مجردا لم يطع حتى تكون طاعته داخلة في طاعة رسول آخر فالطاعة إنما تجب لله ورسوله ولمن أمرت الرسل بطاعتهم فإن قيل أطيع بإمامته طاعة داخلة في رسالته كان هذا عديم التأثير فإن مجرد رسالته كافية في وجوب طاعته بخلاف الإمام فإنه إنما يصير
إماما بأعوان يتفذون أمره وإلا كان كآحاد أهل العلم والدين إن كان من أهل العلم والدين فإن قيل إنه صلى الله عليه وسلم لما صار له شوكة بالمدينة صار له مع الرسالة إمامة القدرة قيل بل صار رسولا له أعيان وأنصار ينفذون أمره ويجاهدون من خالفه وهو ما دام في الأرض من يؤمن بالله ورسوله ويجاهد في سبيله له أعوان وأنصار ينفذون أمره ويجاهدون من خالفه فلم يستفد بالأعوان ما يحتاج أن يضمه إلى الرسالة مثل كونه إماما أو حاكما أو ولي أمر إذ كان هذا كله داخلا في رسالته ولكن بالأعوان حصل له كمال قدره أوجبت عليه من الأمر والجهاد ما لم يكن واجبا بدون القدرة والأحكام تختلف باختلاف حال القدرة والعجز والعلم وعدمه كما تختلف باختلاف الغنى
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 21 صفحه : 440