نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 411
فصنف الإمام مالك "الموطأ" وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ومن بعدهم (توفي 179 هـ).وصنف ابن جريح بمكة (توفي ببغداد 150هـ)، والأوزاعي بالشام (156هـ)، وسفيان الثوري بالكوفة (توفي 161 هـ)، وأبو سلمة بالبصرة (نوفي 176هـ)، ومعمر بن راشد باليمن (المتوفى 153هـ)، وجرير بن عبد الحميد بالري (توفي 188هـ)، وعبد الله بن المبارك بخراسان (المتوفى 181هـ).ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث الني صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين. فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا (توفي 213هـ)،
وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا (توفي 212هـ)، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا. ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء.
ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا، كأبي بكر بن أبي شيبة. ولما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والحسن، والكثير منها يشمله التضعيف؛ فحرك همته لجمع الحديث الصحيح، وقوى همته لذلك ما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح".
ومما تقدم يتبين لنا أن علماء التدوين قد طوفوا الدنيا كلها، وانتشروا في البلدان والأمصار وأحاطوا بها يجمعون ويكتبون في حركة نشطة دائبة يواصلون الليل بالنهار؛ ليسجلوا أجلّ وأخلد سجل عرفته البشرية على الإطلاق، على امتداد تاريخها الطويل، فبعد كتاب الله جندوا أنفسهم وأقلامهم ليدونوا مصدر شريعتهم، ومنبع عزهم الدائم.
شبهات حول مسألة جمع السنة
الشبهة الأولى: شبهة النهى عن كتابة السنة
أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (3004) قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تكتبوا عني غير القرآن , ومن كتب عني غير القرآن فليمحه).
وفى مسند أحمد (10701): "لا تكتبوا عنى شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عنى شيئاً سوى القرآن فليمحه"وقد استدل بعض المتشككين استناداً إلى ظاهر هذا الحديث على أن النبى صلى الله عليه وسلم قد نهى عن كتابة السنة.
ونسوا أو تناسوا الأحاديث الصحيحة الكثيرة التى تبين بما لا يدع مجالاً لشك أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر وأقر كتابة الحديث النبوى على عهده.
والرد على هذه الشبهة من وجهين:
أولاً: أن الصحابة كانوا يكتبون بعض تفاسير النبى صلى الله عليه وسلم فى نفس الورقة التى يكتب فيها القرآن. وأحياناً بشكل متداخل. ولاشك أن هذا قد يؤدى إلى حدوث بعض الأخطاء واشتباه للقارئ وإدخال فى كلام الله ما ليس منه. فكانت التوجيهات النبوية بفصل هذا عن ذاك، فمن كتب شيئاً من حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى ورقة مكتوب فيها قرآن فليمحها.
تناقض واضح
ثانياً: إن فى الاستدلال بهذا الحديث على عدم كتابة السنة خطأ كبير بل وتناقض أيضاً. لماذا؟ لأن متن الحديث يفيد الأمر بعدم كتابة الحديث. أو ليس هذا نفسه حديثاً!؟
فلماذا كتب؟ ولماذا يتمسك به الطاعنون والمتشككون كدليل على عدم كتابة الحديث أو ليس هذا هو أيضاً حديث نبوى نقل إلينا كما نقلت آلاف الأحاديث الأخرى، فلماذا يستدلون بهذا الحديث ويدعون ما عداه.
والإجابة: طبعاً لأنه فى ظاهره، وعند سوء فهمه، يساند بدعتهم. وهكذا أهل الأهواء والباطل دوماً، يقفزون فوق الأدلة ويلوون أعناق النصوص وينتقون منها فقط ما يؤيد ويساند بدعتهم.
أدلة الأمر النبوى بكتابة السنة فى حياته
هناك أحاديث نبوية كثيرة تثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن السنة النبوية كتبت على عهد النبى صلى الله عليه وسلم.
التصريح لعبد الله بن عمرو بالكتابة
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 411