نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 36
الشخصية الإسلامية - أ. د. عمر سليمان الأشقر
ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[17 - 06 - 10, 07:11 ص]ـ
الشخصية السَّوِيَّة:
الشخصية الإسلامية هي الشخصية الإنسانية الوحيدة التي تُوسَم بأنها سوية، سوية في صفاتها وخصائصها، في آمالها وطبائعها، في مقاييسها وموازينها، هي الشخصية السوية التي لم تُمْسَخ فطرتها، ولم تُشَوَّه جبلتها، هي الشخصية الإنسانية السوية التي تسعى في هذا الكون لتكون الإنسان الذي شاءه خالق الكون ومُبدع الحياة وفاطر الإنسان.
وغيره يجري في الحياة مُنَكَّس القلب، مُشَوَّش الفِكر، لا يعرف طريقه ولا سبيله.
الشخصية الإسلامية الممسوخة:
وهذا لا يعني أن هؤلاء وأولئك الذين تسموا بالإسلام ولم يكن لهم من الدين إلا اسمه، ولا عرفوا من القرآن إلا رسمه، لا يعني أنهم يمثلون الشخصية الإسلامية، ذلك أن الشخصية الإسلامية هي التي تُمَثِّل الخصائص التي ينشئها الإسلام في نفس الإنسان، أما الذين يُنْسَبون إلى الإسلام، ويُقَوِّمون النفوس والعقول بمناهج البشر وعاداتهم فهؤلاء مسخ الشخصية الإسلامية، وإن تَزَيَّوا بزي العلماء، وتسموا بأسماء الزُّهاد والعُبَّاد، وزعموا أنهم الأولياء والأوتاد.
لقد مسخ أقوام - زعموا التصوف وآخرون هاموا بالتفلسف – الشخصية الإسلامية، فأصبحنا نرى أقواماً يزعمون الإسلام، ولا نرى عليهم من الإسلام إلا طبقة رقيقة سرعان ما تذوب وتتهاوى عندما تُبلى بالشدة واللأواء.
الشخصية الإسلامية عبر القرون:
ولقد تعرضت الشخصية الإسلامية عبر القرون إلى حملات آثمة غادرة، استهدفت إزالتها وتدميرها، كما استهدفت – إذ عجزت عن الإزالة والمحو – تشويهها ومسخها، وقاد هذه الحملة أعداء الإسلام بما ألقوه مِن شُبُهات، وبما جاؤوا به مِن فلسفات وثقافات، أرادوا أن يُزاحموا بها الإسلام في نُفُوس المسلمين، وبذلك لا يستقل الإسلام ببناء الإنسان، ولا يكون هو المسلم الحق الذي يريده الله، ولقد شُوِّهَت عقائد الإسلام وتصوراته، وخالط العقيدة عِلم الكلام والفلسفة، وزعم أقوام أنهم يستمدون عِلمهم من تجليات قلبية، وإلهامات وسُبُحات، أنزلوها منزلة الوحي، واختلطت على المسلمين السُّبُل، واحتار كثير من السالكين، وكثُر الزاعمون بأنهم وحدهم على الحق المبين، وأن غيرهم على الضلال، وماجت الحياة الإسلامية بفِرَق كثيرة جعلت بأسها بينها، ورمى بعضُها بعضاً بالمروق من الدين، والكُفر بالله رب العالمين.
الشخصية الإسلامية اليوم:
الشخصية الإسلامية اليوم تُمَثِّل في ذاتها ذلك التُّراث الذي ورثته عن الآباء والأجداد عبر قرون طويلة، وهو تراثٌ ضخمٌ شارك في إيجاده اتجاهات مختلفة بعضها لا يُريد بالإسلام وأهله خيراً، أضِف إلى هذاأن الصراع اليوم متجه إلى امتلاك فِكر الإنسان والتأثير على تصوراته وعقائده، وللدول الكبرى والمذاهب المختلفة في هذا الباب غرامٌ شديد، ومِن أجله سَخَّرَت إذاعاتها وصُحُفِها وبرامجها، وإليه وَجَّهَت الكُتَّاب وأصحاب الفِكْر والممثلين، وأنفقت في سبيل ذلك أموالاً تكفي لإثراء الفقراء، وإزالة أسباب التعاسة، ومحاربة المرض والجهل، ولكن الإنسان يحرص على بث فكره وحمل الناس عليه ودعوتهم إليه حِرصاً يصْغُر أمامه – أحياناً – بذل نفسه إضافةً إلى ماله، وصدق الله إذ يقول: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة الأنعام – الآية 108].
بِناء الشخصية الإسلامية من جديد:
إذا كان الأمر كذلك، وكانت الشخصية الإسلامية لا تُمَثِّل اليوم الشخصية الإسلامية الحَقَّة – إلا من رَحِم الله – كان لِزاماً أن نعود من جديد لبناء شخصية إسلامية واضحة المعالم، بَيِّنَة الخصائص، كتلك الشخصية التي تمثلت في الرُسُل والأنبياء والصحابى الكِرام والأئمة الأعلام.
ونحن في هذا يجب أن تعتمد على المصادر التي اعتمدها سلفُنا وأئمتُنا في تكوين الشخصية الإسلامية، وتلك المصادر هي الكتاب والسُّنَّة ففيهما الغِناء، إلا أن الذي أعان على تكوين الشخصية الإسلامية مِن الكِتاب والسُّنَّة رؤية الإسلام متمثلاً في شخصية إنسان تمثيلاً عملياً، هو الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تمثل جيل بأكمله هو جيل الأصحاب، ثم أصبح واقعاً ومجتَمَعاً، وبذلك سَهُلَ بناء الشخصية الإسلامية حيث ترى المُثُل الإسلامية واقعاً مُشاهداً، وحيث الجو الإسلامي الذي ينشر عطره ونوره وهَدْيه، وبذلك يتنفس المسلم في جوِّ الإسلام.
كتبه: أ. د. عُمَر سُلَيمان الأَشْقَر - كلية الشريعة، الجامعة الأردنية
من كِتاب "مَعَالِم الشَّخْصِيَة الإسْلامِيَة" – دار النفائس.
ـ[عمر بن إحسان]ــــــــ[17 - 06 - 10, 07:30 م]ـ
جزيت خيرا على هذا النقل الطيب المبارك ونحسبه شخصية إسلامية مربية غالية
وأسأل الله أن يكون ذلك في ميزان حسنات الكاتب والناقل
فحفظ الله الشيخ عمر الأشقر وأمد الله من عمره ونفعنا الله من علمه
فقد شرفت أول البارحة بزيارته برفقة الوالد حفظه الله
وكانت زيارة رائعة جميلة فيها منافع كثيرة
ترى أدب الكلام بين الشيخ وتلميذه
والشيخ نحبه في الله
والسلام
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 36