نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 178
قلت: وأقرهم على ذلك أيضاً الإمام أبو إسحاق الفزاري، فهو الذي روى هذا الأثر عن الإمام الأوزاعي، ولم يُنكره. فقد كان أبو إسحاق لا يخشى في الله لومة لائم.
قال الإمام الذهبي: (أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد الإمام الكبير، الحافظ، المجاهد .. وكان من أئمة الحديث .. ، حدث عنه: الأوزاعي والثوري –وهما من شيوخه- وابن المبارك .. ، ذكره أبو حاتم فقال: الثقة المأمون الإمام. وقال النسائي: ثقة مأمون أحد الأئمة.
قال الخليلي: قال الحميدي: قال لي الشافعي: لم يُصنِّف أحدٌ في السير مثل كتاب أبي إسحاق.
وقال أبو حاتم: اتفق العلماء على أنَّ أبا إسحاق الفزاري إمام يقتدى به، بلا مدافعة .. وقال أحمد العجلي: كان ثقة، صاحب سُنة، صالحاً، هو الذي أدب أهل الثغر، وعلَّمهم السنة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخلالثغر رجل مبتدع، أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه. أمر سلطانا ونهاه، فضربه مائتي سوط، فغضب له الأوزاعي .. ويروى: أن هارون الرشيد أخذ زنديقاً ليقتله، فقال الرجل: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وابن المبارك يتخلَّلانِها، فيخرجانها حرفاً حرفاً ..
قال علي بن بكار الزاهد: رأيتُ ابن عون فمن بعده، ما رأيت فيهم أفقه من أبي إسحاق الفزاري .. ، قال ابن مهديِّ: كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة) ([35]). انتهى.
قلتُ: هذا هو الإمام أبو إسحاق الفزاري الذي حدَّث بقول عمر بن عبد العزيز، فلو كان يُنكره: لكان صرحَّ بذلك، ولكنه كان إماماً في السُّنّةِ، وإماماً في الحديث، وإماما فيالفقه.
فدلَّ ذلك على اتفاقهم على صحة قول عمر بن عبد العزيز.
ونعلمُ قطعاً أن مسألة المعازف هي من المسائل التي يكثر الخوض والكلام فيها على مر الزمان، فكان اتفاقهم هذا إجماعاً قطعياً تحرم مخالفته، كما صرَّح به كبار الأئمة.
وقد تقدم تفصيل ذلك في كتابنا هذا. فمن شاء فليراجع تصريحاتهم هذه في هذا الكتاب: (الباب الأول/ القواعد الأصولية/ القاعدة الثامنة/ المطلب الخامس).