قال الشريف رضي اللّه عنه قوله عليه السلام كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام و هي تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه و شنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق و إنما قال ع أشنق لها و لم يقل أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها فكأنه ع قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام له
ــــــــــــــــــــــــــــ
منقوله من كتاب (مروج الذهب) للمسعودي ص 670 و 671
(لما صرف علي رضي الله عنه قيس بن سعد بن عبادة عن مصر، وجّه مكانه محمد بن أبي بكر فلما وصل اليها، كتب إلى معاوية كتاباً فيه: من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر أما بعد، فإن الله بعظمته و سلطانه خلق خلقه بلا عبث منه و لا ضعف في قوته و لا حاجة به إلى خلقهم و لكنه خلقهم عبيداً و جعل منهم غوياُ و رشيداً و شقياً و سعيداً، ثم أختار على علم و أصطفى و أنتخب منهم محمداً (ص)، فانتخبه بعلمه و اصطفاه برسالته و أئتمنه على وحيه و بعثه رسولاً و مبشراً و نذيراً و وكيلاً، فكان أول من أجاب و أناب و آمن و صدق و أسلم و سلم أخوه و ابن عمه علي ابن أبي طالب، صدقه بالغيب المكتوم و آثره على كل حميم و وقاه بنفسه كل هول و حارب حربه و سالم سلمه، فلم يبرح مبتذلاً لنفسه في ساعات الليل و النهار و الخوف و الجوع و الخضوع، حتى برز سابقاً لا نظير له فيمن اتبعه و لا مقارب له في فعله، و قد رايتك تساميه و أنت أنت و هو هو، أصدق الناس نية و أفضل الناس ذرية و خير الناس زوجة و أفضل الناس ابن عم، أخوه الشاري بنفسه يوم موته و عمه سيد الشهداء يوم أحد و أبوه الذاب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن حوزته، و أنت اللعين ابن اللعين لم تزل أنت و أبوك تبغيان لرسول الله صلى الله عليه و سلم الغوائل، و تجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، و تبذلان فيه المال و تؤلبان عليه القبائل، و على ذلك مات أبوك، و عليه خلفته، و الشهيد عليك من تدني و يلجأ اليك من بقية الاحزاب و رؤساء النفاق، و الشاهد بعلي مع فضله المبين القديم، أنصاره الذين معه و هم الذين ذكرهم الله بفضلهم و أثنى عليهم من المهاجرين و الانصار، و هم معه كتائب و عصائب يرون الحق في اتباعه و الشفاء في خلافه فكيف يا لك الويل تعدله نفسك بعده و هو وارث رسول الله (ص) و وصيه و أبو ولده، أول الناس له اتباعاً و أقربهم به عهداً يخبره بسره و يطلعه على أمره، و أنت عدوه و ابن عدوه، فتمتع في دنياك ما استطعت بباطلك و ليمددك ابن العاص في غوايتك فكأن أجلك قد انقضى و كيدك قد وهى ثم يتبين لك لمن تكون العاقبة العليا و اعلم انك انما تكايد ربك الذي أمنت كيده و يأست من روحه؟ فهو لك بالمرصاد و أنت منه في غرور و السلام على من اتبع الهدى.
فكتب اليه معاوية: من معاوية ابن صخر الى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في عظمته و قدرته و سلطانه و ما اصطفى به رسول الله (ص) مع كلام كثير لك فيه تضعيف و لأبيك فيه تعنيف، ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب، و قديم سوابق، و قرابته الى رسول الله (ص)، و مواساته اياه في كل هول و خوف، و كان احتجاجك علي و عيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فاحمد رباً صرف هذا الفضل عنك، و جعله لغيرك، فقد كنا و أبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب و حقه لازماً لنا مبروراً علينا، فلما أختار الله لنبيه عليه الصلاة و السلام ما عنده و أتم له ما وعده و أظهر دعوته و أبلج حجته و قبضه الله إليه صلوات الله عليه، و كان أبوك و فاروقه أول من ابتزه حقه و خالفه على أمره، على ذلك أتفقا و اتسقا، ثم انهما دعواه الى بيعتهما فأبطأ عنهما و تلكأ عليهما فهما به الهموم و أرادا به العظيم ثم انه بايع لهما و سلم لهما و أقام لا يشركانه في أمرهما و لا يطلعانه على سرهما، حتى قبضهما الله، ثم قام ثالثهما عثمان فهدا بهديهما و سار بسيرهما فعبته أنت و صاحبك حتى طمع فيه الاقاصي من أهل المعاصي فطلبتما له الغوائل و أظهرتما عداوتكما فيه، حتى بلغتما فيه مناكما، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر و قس شبرك بفترك، يقصر على أن توازي أو تساوي من يزن الجبال بحلمه لا يلين عن قسر قناته و ما يدرك ذو مقال أناته أبوك مهد مهاده، و بنا لملكه وساده، فان يكو ما نحن فيه صواباً فأبوك استبد به و نحن شركاءه، و لولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب و لا سلمنا إليه، و لكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا فأخذنا بمثله، فعب أباك بما بدا لك أو دع ذلك، و السلام على من أناب.) أنتهى كلام المسعودي
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 1 صفحه : 154