" وأمّا عُشّاق العلم فأعظم شغفاً به وعِشقاً له من كلِّ عاشقٍ بمعشوقه، وكثيرٌ منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر " [روضة المحبين 69]
وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله:
" من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء، فلينظر إلى مجالس العلماء فاعرفوا لهم ذلك " [الفقيه والمتفقه (1/ 10) وما بعدها وفيه من نفائس الأقوال ما يدعو للتأمل]
وقال أبو هلال العسكري رحمه الله:
" فإذا كنت أيها الأخ، ترغبُ في سُمُو القدْرِ، ونَباهةِ الذِكْرِ، وارتفاعِ المنزلةِ بين الخلقِ، وتَلْتَمِسُ عِزاً لاتثلمه اللياليَ والأيامُ، ولا تتحيّفه الدهورُ والأعوامُ، وهَيْبةً بغيِر سُلطانٍ، وغِنىً بلا مالٍ، ومَنَعَةً بغيرِ سلاحٍ، وعلاءٍ من غيرِ عَشيرةٍ، وأعْواناً بغيِر أجرٍ، وجُنْداً بلا دِيوانٍ وفَرْض، فعليك بالعلمِ، فاطلبهُ في مظانَّه، تأتِكَ المنافِعُ عفوا، وتلق ما يُعْتَمَدُ منها صَفْواً، واجتهدْ في تحصيلهِ لياليَ قلائلَ، ثم تَذَوّقْ حلاوةَ الكرامةِ مدةَ عُمُرِكِ، وتَمَتّعْ بلذةِ الشرفِ فيه بقيةَ أيامِك، واسْتَبِقْ لنفسك الذِكْرَ به بعد وفاتك. " [الحث على طلب العلم والاجتهاد فيه صـ (43)]
وقال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر:
" أفضل الأشياء التزيّد من العلم، فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنّه كافياً استبد برأيه، وصار تعظيمه لنفسه مانعاً من الاستفادة. والمذاكرة تبين له خطأه." أهـ[158]
وقال أيضاً: " وإني أخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتاباً لم أقرأه، فكأني وقعت على كنز، ولقد نظرت في ثبَت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد، وفي ثبَت كتب أبي حنيفة، وكتب الحُميدي، وكتب شيخنا عبد الوهاب بن ناصر، وكتب أبي محمد الخشاب، وكانت أحمالاً وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه، ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعدً في الطلب " [557]
وذا أبو الوفا بن عقيل رحمه الله يحكي عن نفسه أيضاً:
" إني لأجد من حرصي على العلم، وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة "
[الذيل على طبقات الحنابلة (1/ 146)]
ومن جميل وأبدع الشعر، ما قاله محمد بن عبد الرحمن الحبيشي في " نشر طي التعريف في
فضل حملة العلم الشريف " في ترغيب ولده للعلم:
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم ... ولا الملوك وأهل اللهو والطرب
كلذتي في طلاب العلم يا ولدي ... فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي
ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم ... ألذّ عندي من علمي ومن كتبي
فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري ... وخاطري حاضري في العلم لم يغبِ
كل المسرات غير العلم فانيةٌ ... يا حبذا العلم من فخرٍ ومن حسبِ
ولا يغرّنك كون الناس قد هجروا ... أهل العلوم وذموهم بلا سببِ
فالعلم كنزٌ وذخرٌ ليس يعدله يعدله ... كنزٌ من الدرّ أو كنز من الذهبِ
والخطاب في الآيات والسنة النبوية وفي كل أقوال أهل العلم
موجه للرجال والنساء عامة، فالعلم ممدوحٌ به لكلا الجنسين، ولا خصيصة للرجال دون النساء. ومن قال بذلك طالبناه الدليل، ولن يسعفه.
ولعل في ما ذكر كفاية،