نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 5 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 1 صفحه : 258
تنبني لنا مسألة كلية أخرى في بحثك إذا أراد أن يبحث مثلا اللغة، كتب اللغة معلوم أن بعضها ينقل عن بعض، بعضها مختصر لبعض، وبعضها يجمع كتبا متعددة، فمثلا يأتي طالب العلم -مثل ما نشوف في كتب ورسائل إلى آخره- يقول مثلا قال في لسان العرب كذا، وقال الجوهري في صحاح اللغة كذا؛ يعني جاب نفس العبارة في اللسان كذا وفي الصحاح العربية، طبعا صاحب الصحاح متقدم في القرن الرابع الهجري وصاحب اللسان متأخِّر صاحب اللسان جمع خمسة كتب ابن منظور ليس له كلام في لسان العرب، ولذلك يأتي طالب العلم ويقول قال ابن منظور في لسان العرب كذا، هذا كلام لا معنى له، هذا الكلام لا معنى له للعلم الذين يفهمون اللغة، أن يقول قال ابن منظور في لسان العرب معنى كذا هو كذا هذا ليس له مانع لماذا؟ لأن ابن منظور ذكر في مقدمته .... خمسة كتب أو ستة فرتبها في هذا الكتاب فلم يؤلف تأليفا مستقلا خلافا لفيروز آبادي في القاموس المحيط الذي جمع كتبا لكن صاغها بصياغته وثَم أشياء تفرد فيها ورد فيها على من سبقه ورد عليه واستدرك وأُستدرك عليه إلى غير ذلك مما هو معروف.
إذن طالب العلم مثلا يعرف تسلسل كتب اللغة والكتاب الذي دخل في غيره والكتاب الذي استقل به صاحبه، يعرف من أين أُستقي ذلك حتى يكون دقيقا، هذا لا يتأتى لك إلا بمعرفة مدارس اللغة وكيف نشأت الكتب وصنفت وأشباه ذلك، منزلة كتب اللغة؛ هل كل كتاب لغة معتمد؟ لا، هل إذا قال فلان وقال صاحب الكتاب الفلاني يعني انتهى في المسألة؟ لا، لأن صاحب اللغة أيضا يحتاج إلى دليل له يدل على أن ما نقله صواب، وإلا فيكون الاحتجاج غير مستقيم.
خذ مثلا الجوهري في كتابه صحاح اللغة العربية ذكر أنه ألَّف كتابه هذا بعد أن مكث في البادية نحو من أربعين يتلقف اللغة، فهو كتب على أن كل كلمة أوردها في كتابه معناه أنه سمعها من العرب الأقحاح بعد أن خالطهم في البوادي.
هل يعني ذلك أن العرب لم يدخل إليهم اللحن البتة؟ هذا واحد.
الثاني هل يعني كلامه هذا أنه ليس ثم مادة أوردها إلا وهي مسموعة له من كلام العرب؟
ولذلك جاءنا كتاب الجوهري وهو معروف سماه الصحاح وهو عند أهل اللغة بمنزلة كتب الصحاح في الحديث؛ لكن ثم فيه أشياء لا مستند لها عند الباحث اللغوي الصحيح، وثَم مسألة من مسائل العقيدة المشهورة عندكم هي مسألة الاستواء المعروفة قال استوى بمعنى استولى، قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق
يعني استولى، وهذا غلط والشعر لا يصح إلى آخره، إذن فليس معنى ورود كلمة في كتاب من كتب اللغة أنها في اللغة كذلك؛ لكن هذا متى يؤول إليه الباحث إذا تطور في بحثه وفي تطبيقه وعلم أننا كلما رجعنا إلى الزمن الأول كلما كنا في سعة؛ يعني في معلومات واسعة وتبدأ تضيق تضيق إلى أن نصل إلى الصواب في العلوم كلها.
يأتي آتٍ ويقول قال الشاعر يحتج بمسألة يقول قال الشاعر كذا، طيب هذا الشاعر من هو؟ يقول هذا بيت لا يعرف قائله، طيب كيف عرف أن هذا البيت محفوظ؟ أولا وأن هذه الكلمة التي أحتج بها حفظت ورويت على هذا النحو من الذي رواها؟ وهل هو من حفاظ العربية أم لا؟ ثم هل خولف فيها أم لا؟ ثم هل القافية واحدة أم تعددت القافية؛ لأن من علامات الشعر الملحون أن تتعدد القافية في البيت الواحد إلى غير ذلك.
إذن فالبحث إذا أردته على حقيقته فإنه متوسِّع جدا؛ يعني ليس ثم مسألة إلا وراءها مسألة، وراءها مسألة حتى يصل الباحث في تحقيق العلم إلى أهله، فلا يمكن أن تحقق مسائل في العربية حتى تحكم العربية وتُحكم المؤلفات وتحكم أصول الاستدلال، وثَم مصطلح للغة أليس كذلك؟ ألف السيوطي الاقتراح في أصول النحو وثَم البلغة في أصول اللغة، وثم في التاريخ مصطلح التاريخ، وثم في الأصول أصول الفقه، وفي التفسير أصول التفسير. وفي الحديث أصول الحديث.
إذن ليس ثم علم إلا وله أصول هذه قوانين تضبط بها.
إذن الباحث لابد أن يكون متئدا في بحثه متريثا، فالعلم واسع جدا جدّا أكبر مما تتصور ولهذا لابد أن يكون ثم بلوغ في البحث وفي أخذ العلم، وأن يتحرى طالب العلم الصواب المختصر، ولا يظن أنه إذا نقل نقلا معناه انتهى، انتهى الأمر وانتهت المسألة؟ لا، فالعلم واسع ومدارسه كبيرة متنوعة.
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 5 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 1 صفحه : 258