نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي جلد : 1 صفحه : 4
نهضة أخلاقية نتيجة نهضة أدبية فلقد أوشك الإنسان كما قال أحد المزاح أن يقع في المعدة حتى أصبح من الواجب أن يرجع إلى مكانه من العقل ويثوب إلى مثابته من القلب. وأصبح الأمر الأهم والمسألة الكبرى النظر في شرف الإنسان وعظمته وذلك مالا يكون إلا بالشاعر وكاتب الأدب.
الآداب مصدر المدنية الصحيحة والشعر مبعث الشرف والعظمة ومن ثم كانت الآداب إحدى حاجات الأمم وكان الشعر أمنية الروح ومطمح الأنفس ومن ثم كان الشعراء أول أساتذة العالم ومن ثم وجب أن ينفث الشعر في أفئدة الخلق وأن يترجم إلى العربية شعراء الغرب قديمهم وحديثهم وشعراء الفرس والديلم والهنود وتصب أبياتهم وأبيات العرب في روح هذا الشعب صبك الماء في المكان الجديب.
قال أحد كتاب الفرنسيس: من كان ينكر أن الآداب مصدر المدنية فليلق نظرة في إحدى إحصائيات السجون وإليك مثالاً: كان في سجن طولون عام 1862 عشرة وثلاثة آلاف مجرما ألف وسبعمائة وتسعة وسبعون منهم كانوا أميين وتسعماية وأربعة لا يجيدون القراءة والكتابة ومائتان وسبعة وثمانون يقرأون ويكتبون وأربعون يعرفون شيئاً طفيفاً فوق الكتابة والقراءة فكان معظم هؤلاء الأشقياء من ذوي الحرف المنحطة الدنيئة وكان العدد يقل كلما سموت إلى الحرف المستنيرة حتى يصل لك الأمر إلى هذه النتيجة: كل من في السجن ذو مهنة منحطة إلا أحد عشر أربعة من باعة الجواهر وثلاثة من خدمة الكنائس واثنان من الأطباء وممثل واحد وموسيقي واحد ولا متأدب ولا أديب: هذا الدليل قاطع إذا كانت المدنية كما نفهم نحن هي رقي النوع عقلاً وخلقاً مع ما ينجم عن ذلك من الهناء والسعادة ولكن الماديين المتعصبين للعلميات الذين إن تسلهم عن المدنية قالوا إنما هي الكهرباء والفونوغراف والمنطاد والتلغراف لا يرون النعيم إلا في هذه الأشياء فهل خيل إليهم أن السعادة أمر لا يدرك إلا بالقطار والكمال غاية لا تبلغ إلا بالبخار أو حسبوا أن البالون يعرج إلى الجنة فيما يعرج: ولا يسعني في هذا المقام إلا ذكر كلمة للحكيم راسكين هي أبدع ما قيل في هذا الصدد قال:
أيظن الماديون أن الانتقال من مكان إلى آخر بسرعة مائة ميل في الساعة أو نسج الأقمشة بمقياس ألف متر في الدقيقة زائد في سعادة الإنسان فتيلاً أو قطميراً وكيف وأرض الله من
نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي جلد : 1 صفحه : 4