الانتقاد
الصحف والصحافيون
ماذا أقول في الصحف الصادقة وما ينبغي أن أقول. أن القلم ليعجز والفكر ليمل دون ان يعرف ما لها من الفضائل أو يوفيها حقها من الثناء إذا كانت الأمور تشرف بشرف غاياتها وتعظم بعظم ثمراتها كان للصحف المفيدة من الكرامة أعظم وأوفر نصيب ذلك من حيث أن الوطن ومستوطنيه إذا غشيتهم غاشية ظالم. أو حقت عليهم كلمة آثم. لم يكن لهم موئل يئلون إليه. ولا منهل يتواردون عليه غير تلك الصحف النافعة الآخذة على عهدتها القيام بخدمة الوطن والانتصاب للذب عنه. وضعت الصحف لتبحث فيها يعود بالمنفعة العامة على هذا النوع البشري فليست أقل فائدة من الكتب المحترمة بل لا فرق بينهما إلا أن الصحف تنشر تباعاً والكتب تنشر دفعة واحدة ويشتمل الكتاب على بحث واحد والصحيفة على عدة أبحاث، فالمجموع من بحثها في الأخلاق أخلاقي، ومن بحثها في الدينيات كتاب ديني، ومن بحثها في الأدبيات كتاب إنشاء ومحاضرات الخ وضعت الصحف لتعرف الإنسان بماله وما عليه من الواجبات، لتعرفه أنه إنسان حر في أقواله. مطلق في أفعاله. لا سلطة ترهبه. ولا سيطرة تفزعه. اللهم إلا سلطة الشرع وسيطرة الدين وضعت الصحف لتعرف الإنسان أن الله تعالى برأه ليكون صوت رحمة على بني وطنه. وخيراً محضاً لبلاده. لا راحة له إلا أن رقت. ولا هناء له إلا أن علت لتعرفه كيف يصاحب ولمن يجانب، وكيف يسوس أهله، ويربي أولاده. ويعلمهم ويزكيهم ويهذبهم ويرشدهم وضعت الصحف لتطلع الإنسان على أحوال الناس وآرائهم وعاداتهم وأخلاقهم ليطرح الخبيث ويتحلى بالجيد ويقرب من العلماء ويبتعد عن السفهاء وضعت الصحف لتربي في الإنسان ملكتين أدبية وأخلاقية يتعرف بالأولى صحيح الكتابة من فاسدها وغثها من سمينها ويعتقد بالثانية أنه مدين لدينه بدين يجب وفاؤه وحق يلزم قضاؤه، نحن نجل الصحيفة بالوصف السابق ونقدرها قدرها ونرى أنها الدالة على حضارة قومها، وترقي آلها، وأنها يد البأس وعضد المسكين، ولسان الخائف، وساعد المظلوم، وأنها تاريخ عام للمحسن والمسيء، تنتقد للإصلاح وتسير على نهج الفلاح، تصدع بالحق ولو آلمها وتجهر بالصدق ولو جرحها، تبحث فيما تعلم، وتصدف عما لا تعلم وأنها للوطن كالغيث ينتفع منه الكبير