responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 26
في الأدب العربي - العبقرية والقريحة
أو
شوقي وحافظ
بقلم احمد حسن الزيات
فجيعة الشعر العربي في حافظ وشوقي يعز عليها الصبر، ويُعْوز منها العوض، ويصرف أساها الناقدين عن تقويم الميراث العزيز إلى تعظيم الموروث الأعز. وليس مما يزكو بالمنصف أن يجشم نظره رؤية الحق من خلال الدموع، فأن في ذلك اعتداء على العقل أو إساءة إلى العاطفة. وهذه الكلمة إنما نستجيز ذكرها اليوم لأنها إلى الهتاف بالعظيمين أقرب منها إلى النقد، ولأن ما يكتب عنهما الساعة إنما هو تقييد لعفو الرأي وتمهيد لأسباب الحكم الصحيح.
شوقي شاعر العبقرية وحافظ شاعر القريحة. وتقرير الفرق بين الموهبتين هو تقرير الفرق بين الرجلين. فالقريحة ملكة يملك بها صاحبها الإبانة عن نفسه بأسلوب يقره الفن ويرضاه الذوق. ومن خصائصها الوضوح والاتساق والأناقة والسهولة والطبيعية والدقة. أما العبقرية فضرب من الإلهام يستمر استمرارا تجددياً فتلازم أحياناً وتنفك حيناً. ومن أخص صفاتها الأصالة والإبداع والخلق. فالرجل العبقري إذن يعلو ثم يسفل تبعا لقيام العبقرية به أو إنفكاكها عنه. وهو يَشخُب الشعر غالبا فيرسله من فيض الخاطر كما يجئ دون تنقيح له ولا تأنق فيه، ثم هو في عظام الأمور سباق وفي محاقرها متخلف، لأن الجليل يوقظ خاطره ويحفز طبعه والتافه الوضيع ينخزل عن مكانه فلا يبلغ موضع التأثير فيه وقد يعني لسبب من الأسباب بعامي الأشياء أو سوقي الآراء فيبعث فيه من روحه ما يحييه، ومن حرارته ما يقويه، ومن أشعته ما يظهر فيه الطرافة والجدة كما تظهر الشمس كرات التبر في عروق الصخور! فالقريحة كما ترى توجد الصورة والعبقرية تبدع المخلوق. ومزية الأولى في الصنعة وتقديرها في التفصيل، ومزية الأخرى في الابتكار وتقديرها في الجملة. فإذا قرأت قصيدة لذي القريحة راقك منها جرس الحروف ونغم الكلمات واتساق الجمل وبراعة البيت، ولكنك تفرغ منها وليس لها اثر في نفسك ولا صورة في ذهنك. أما العبقريات فحسبك أن تذكر عنوانها لتشعر بها، وتتصور موضوعها لتتأثر منها.

نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست