responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 15
أماالقبائل العربية فلم يكادوا يضعون عن كواهلهم عتاد الحرب وينفضون عن وجوههم غبار الصحراء؛ حتى صعدوا في مراقي الحضارة بسرعتهم في طريق الفتوح. واستطاعوا أن يرفعوا على أنقاض اليونان والرومان والفرس حضارة ثابتة الأصول باسقة الفروع لا يظهر في عناصرها المختلفة الا روح الإسلام وفكر العرب، ثم كانت من القوة بحيث طاولت الدهر، وصاولت المغير، وأخضعت لسلطانها حضارات لم تخضع لفاتح من قبل. وسخرت لدعايتها خصوماً لم يتحرروا من آثارها بعد.
ولو رحنا نتلمس أسرار هذه القوة وأسباب تلك العظمة وجدناها أولاً في الهام الطبع وسلامة الفطرة وجاذبية المثل الأعلى وثانيا في القابلية الطبيعية لفقه الحضارة، وهي صفة لا تكتسب عفو الحاضر ولا طوع التقليد. وإنما تتأصل في الشعب بتقادم عهده في الثقافة وطول رياضته على التمدن. فالعرب لم يكونوا جميعا كما يصورهم الأدب القديم جفاة الطباع بداة الاجتماع. وإنما كان منهم في اليمن والحجاز والشام والعراق متحضرون لابسوا أرقى أمم العالم بالتجارة منذ ألفي سنة، وكان لهم قبل الإسلام ثقافة أدبية ومدنية لغوية لم يكن من المعقول أن تظهرا في التاريخ فجأة. فان تطور الأفراد والشعوب والأنظمة والعقائد تدريجي بطيء لا يبلغ كماله الا حالا على حال ودرجة بعد درجة. والحق أن الأخبار والآثار والعقل تتناصر كلها على إثبات حضارة عربية في المدن الجاهلية. وإذا كان بدو الجزيرة هم الذين أنتجوا الشعر وفتحوا الفتوح فان حضر الحجاز هم الذين حكموا الناس ونشروا المعرفة وأقاموا الحضارة.

نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست