responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 969
هذا قول سوء!
ـ[أم محمد]ــــــــ[21 - 07 - 2011, 01:45 ص]ـ
البسملة1

قال الإمامُ ابنُ بطَّةَ -رحمهُ اللهُ- في «الإبانة الصُّغرى»:
«ومَن زعم أنَّه [أي: النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-] كان على دِينِ قومِه قَبل أن يُبعَث؛ فقد أعظَمَ الفِريةَ على رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، ولا يُكلَّم مَن قال هذا، ولا يُجالَس».
قال الشَّيخ عليُّ بنُ حسنٍ الحلبيُّ -حفظهُ اللهُ- في شرحِه -المسموعِ- على «الإبانةِ»:
«أوَّلًا: ذكرَ هذه المسألةَ عُلماءُ العقيدةِ؛ كعبدِ الباقي الأيوبي [لعله: المواهِبي] في كتاب «العين والأثَر في عقائدِ أهلِ الأثَر»، والسَّفَّاريني في «لوامعِ الأنوار البَهيَّة»، وغيرِهم؛ قالوا: (بل وُلدَ مُسلمًا مُؤمنًا -صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسَلَّم-).
وقعَ في بعضِ التَّفاسير عند قولِه -تَعالَى-: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} عن السُّدِّي، وعن الكَلْبي قالا -طبعًا كلٌّ على حِدة-: (كان على دِينِ قومِه أربعين سَنةً)؛ وهذا لا دليلَ عليهِ، ولا سَنَدَ له؛ وإنَّما هو مِن كلامِ الكَلبي والسُّدِّي، وهم أنفسُهم فيهم شيءٌ مِن الكَلام -ابتداءً-فضلًا عن أن يَثبُتَ قولُهما-؛ كيف وقولُهما مُخالفٌ للصَّواب.
وأمَّا مَن يسألُ عن قولِه -تعالى-: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} ما معنى هذه الآيةِ الصَّحيح؟
فنقولُ: معناها الصَّحيح -كما ذَكرَ غيرُ واحدٍ مِن أهلِ التَّفسير-: يُفسَّر بالقُرآنِ -نفسِه-؛ فأعظمُ التَّفسيرِ تفسيرُ القُرآنِ بالقُرآنِ والسُّنَّة.
فهي -هذِه الآية- كمِثلِ قولِهِ -تَعالَى-: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمانُ}؛ مِن هُنا جاءَ قولُ اللهِ -تعَالَى- في وصفِ النَّبي -عَلَيهِ الصَّلاة والسَّلام-: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}، ليس بِمعنى الضَّلال الذي قد يَرِدُ في الأذهانِ؛ فهذا -لا شكَّ ولا رَيبَ- مُنزَّهٌ عنه رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-.
... نقل الخلَّال في «السُّنَّة» -كما ذكرنا- عن حنبلَ بنِ إسحاق أنَّه قال لعمِّه الإمامِ أحمد: مَن زعم أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان على دِينِ قومِه قبل أن يُبعَث؟ يعني: كأنَّه يقولُ له: ما حُكمُه؟ قال: «هذا قولُ سوءٍ -أو: قولٌ سوءٌ-؛ ينبغي لصاحبِ هذه المقالةِ أن يُحذَرَ كلامُه، ولا يُجالَس».
يعني: هذا قريبٌ مِن كلامِ المؤلِّف، فكأنَّه أخذهُ من الإمامِ أحمدَ، ومن المنقولِ عنه -رحمةُ الله-تعَالى-عليه-.
هُنا تنبيهان:
التَّنبيهُ الأوَّل: أنَّ بعضَ أهلِ العلمِ فسَّر هذه الكلمةَ -وهي منقولةٌ عن ابنِ إسحاق؛ ابن إسحاق صاحبِ «السِّيرة» في «سِيرتِه» -والتي ضمَّنها ابن كثيرٍ تاريخَه «البداية والنِّهاية» وبنى عليها «السِّيرة النَّبويَّة» -؛ قال: (وكان على دِين قومِه)، لكنْ: شيخُنا في تعليقِه على «صَحيح السِّيرة» بيَّن أن الرِّواياتِ الصَّحيحةَ عن ابنِ إسحاق في غير «السِّيرة» يعني -مثلًا- في «المسنَد» وفي المصادر الأصليَّة -بدل لفظِ: (كان على دِينِ قومِه) - فيها لفظ: (قبل أن ينزلَ عليه الوحيُ)؛ فكلمة (قبل أن ينزلَ عليه الوحيُ) فيها وصفٌ للواقِع، وليس فيها حُكمٌ زائد؛ بأن يُقال: كان على دِين قومِه، ثم إذا بنا نختلفُ في هذه الكلمةِ -قَبولًا وردًّا-كما سيأتينا بعد قليل-.
النقطةُ الثَّانية: الإمام البيهقي في كتابِ «دلائلِ النُّبوَّة»؛ فسَّر هذه الكلمةَ -التي هي: (كان على دِين قومِه) - بقولِه: (ما بقيَ فيهم مِن إرثِ إبراهيم وإسماعيل في حجِّهم ومناسِكِهم)؛ إذًا: الإمامُ البيهقي قَبِل الكلمةَ؛ لكنَّه فسَّرها تفسيرًا إيجابيًّا لا يُعارِض العصمةَ، ولا يُعارض الرِّسالةَ، ولا يُعارِضُ المكانةَ العاليةَ الرَّفيعةَ لرسولِ الهُدى محمَّد -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-.
وهذا في الحقيقةِ يَبعثُنا ويُلزِمنا أن نَذكُرَ كلمةً مهمَّةً؛ وهي:
أنه قد تُقالُ الكلمةُ الواحِدةُ فيُحكَم على قائلِها -أو قائليها- بحُكمَين.
يعني هذه كلمة: (كان على دِين قَومِه)؛ مَن فسَّرها (على دِين قومِه)؛ أي: المشرِكين مِن أهل قريش؛ لا شكَّ ولا رَيب هذا ضلالٌ عريض، وكما قال الإمام أحمدُ: «هذا قولُ سُوءٍ»، ومع ذلك الإمام أحمدُ لم يُكفِّر القائلَ؛ وإنَّما حذَّر مِن المقالة وحذَّر مِن القائل.
الكلمة نفسُها فسَّرها الإمامُ البيهقيُّ تفسيرًا نفَى عنها النَّقص؛ فقال: أي ما بَقِي من إرثِ إبراهيم وإسماعيلَ مِن أنبياء العرب -عليهم الصَّلاة والسَّلام- في الحجِّ والمناسكِ.
فقَبِلها الإمامُ البيهقي؛ لكن قَبِلها على أيِّ معنى؟ على المعنى الإيجابيِّ، والإمام أحمدُ ردَّها على المعنى السَّلبيِّ.
ونحن نقول: مثل هذه الكلمةِ لا يَنبغي أن تُذكر في جَنابِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وفي مقامِه العظيم.
فإن قالها إنسانٌ معروفٌ بالعلمِ والسُّنَّة؛ خطَّأناهُ في سِياقِها، ولم نُرتِّب عليهِ التَّحذيرَ والتَّبديعَ والتَّضليلَ؛ كما يفعلُ بعضُ إخوانِنا ممن أصابَهم شيءٌ من الغُلوِّ في هذا الزَّمان! ...».

[تفريغًا من: «شرح الإبانة»، النَّبي والقرين، مِن الدَّقيقة: (11:41)].

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 969
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست