responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 904
كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ القُبُورِ، وَصُومُوا فِي الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ»، وَكَانَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يُكْثِرُ الصَّوْمَ حَتَّى ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: لِمَ تُعَذِّبُ جَسَدَكَ؟ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّما أُرِيدُ رَاحَتَهُ». لَمَّا حَضَرَ المَوْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ جَعَلَ يَبْكِي، قِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ المَوْتِ، وَلَا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَعَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ»، وَحَضَرَتِ الوَفَاةُ أَحَدَ الصَّالِحينَ فَجَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا، وَبَكَى بُكَاءً عَظِيمًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فقَالَ: «مَا أَبْكِي إِلَّا عَنْ أَنْ يَصُومَ الصَّائِمُونَ للهِ وَلَسْتُ فِيهِمْ، وَيُصَلِّيَ المُصَلُّونَ للهِ وَلَسْتُ فِيهِمْ، وَيَذْكُرَهُ الذَّاكِرُونَ وَلَسْتُ فِيهِمْ؛ فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي»، وَدَعَا قَوْمٌ رَجُلًا إِلَى طَعَامِهِمْ، فقَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ»، فَقَالَوا: أَفْطِرْ اليَوْمَ، وَصُمْ غَدًا؛ فَقَالَ: «وَمَنْ يَضْمَنُ لِي أَنْ أُدْرِكُ غَدًا!»، كَانَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ: «أَلَّا إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ وَلَكِنْ مِنَ الكَذِبِ وَاللَّغْوِ وَالبَاطِلِ»، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: «إِذَا صُمْتَ؛ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ مِنَ الكَذِبِ وَالمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ»، وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الجُوعُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ». خَرَّجَ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
مَعَاشِرَ المُؤْمِنِينَ: يُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ الإِكْثَارُ مِنَ العِبَادَاتِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ؛ فَإِنَّهُ مَوْسِمٌ فَاضِلٌ، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ -غَفَرَ اللهُ لَهُ-: وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الإِكْثَارُ مِنْ أَنْوَاعِ العِبَادَاتِ، فَكَانَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يُدَارِسُهُ القُرْآنَ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ إِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، يُكْثِرُ فِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالإِحْسَانِ وَتِلَاوَةِ القُرْآنِ وَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالاعْتِكَافِ، فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 904
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست