نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 888
رسالة إلى أهلنا في سوريا
ـ[أ. النميري بن محمد الصبار]ــــــــ[06 - 08 - 2011, 04:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالةٌ إلى أهلنا في سوريا
أ. النميري بن محمد الصبار
الحمدُ للهِ وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على منْ لا نبيَّ بعده، أمَّا بعدُ:
فهذه رسالةٌ عاجلةٌ إلى أهلنا في سوريا -فرَّجَ الله عنها وعنهم بعزتهِ وفضلهِ وحلمهِ- ... رسالةٌ أخطُّها إليكم بحبرٍ امتزجَ فيه دمُ القلبِ مع دمعِ العينِ؛ تعبيراً عَمَّا يجيشُ في نفسي من لوعةٍ وأسى على ما تقاسونهُ منْ سوءِ العذابِ وألوانِ الظلمِ والبغيِ والعدوانِ؛ مستشعراً في ذلكَ كُلِّهِ: قيمةَ الجسدِ الواحدِ الذي جعله رسولُ الرحمةِ والهدايةِ مثلاً لما ينبغي أن يكونَ عليه المسلمونَ فيما بينهم منْ مودةٍ ورحمةٍ وعطفٍ؛ فها هو صلَّى الله عليه وسلَّم وفداه أبي وأمي يقولُ في شأن هذه الحقيقة: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)) (1).
وإنني أمام هولِ ما يجري في أرض الشام المباركةِ من مجازرَ مروعةٍ ومشاهدَ مفجعةٍ؛ لأتمثَّلُ قول الشاعرِ الألمعيِّ (أبي البقاء صالح بن شريف الرندي) المتوفى سنة 798 هـ حينَ يرثي الأندلس مع بعضِ التغييرِ؛ معارضاً له معارضةً شعريةً؛ فأقولُ:
أعندكم نبأٌ منْ أهلِ سوريا ... فقد سرى بحديث القوم ركبانُ
ألا نفوسٌ أبيَّات لها هممٌ ... أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
فلو رأيتَ بُكاهُمْ عندَ ذَبحهمُ ... لهالكَ الوجدُ واستهوتك أحزانُ
لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ منْ كمدِ ... إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
ورغمَ تلك الدماءِ التي تسيلُ أنهاراً، ورغمَ تلك الدموعِ التي تنهمرُ مدراراً؛ إلا أنَّ طلائعَ النَّصرِ-بإذنِ اللهِ- تبدو لائحةً في الأفقِ؛ وبشائرَ الفرجِ تبرزُ ماثلةً للعيان؛ إذْ مهما اشتدَّ ظلامُ الظلمِ والطغيانِ واحلولكَ ليلهُ؛ فإنَّ فجرَ العدلِ والرحمةِ لا بُدَّ قادمٌ، وشمسُ الحقِّ حتماً ستشرقُ في سماءِ العالمِ ... تلك سنةُ اللهِ الماضيةُ رغمَ كيدِ الكائدينَ ومكرِ الفاجرينَ منذُ غابرِ الدَّهرِ وإلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها؛ كما جاءَ في كلماتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّافعاتِ لا بنِ عبَّاسٍ-رضيَ اللهُ عنهما: ((وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) (2).
ومضمون رسالتي إليكم أيها الأحبةُ الأكارمُ يدورُ حول قضيتينِ أحسبُ أنهما من الأهمية بمكانٍ:
أولاهما: البينات القطعية على سقوطِ نظامِ الظلمِ والطغيان.
الثانية: الوصايا المهمة لدفع بغي النظامِ وعدوانهِ.
أما القضية الأولى؛ فهي من بابِ تثبيت إخواننا ورفعِ معنوياتهم وإدخالِ روحِ الأمل في نفوسهم في ظلِ الرياحِ العاتيةِ التي تعصف بهم، وفوقَ ذلك كُلِّه ففيها إبرازٌ لآياتِ اللهِ في الآفاقِ وفي الأنفس منْ حيثُ أنَّ مرتعَ الظلمِ وخيمٌ وعاقبتهُ أليمةٌ فادحةٌ؛ وفي هذا يقول ربنا جلَّ في علاه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
وهاهنا أقولُ بكلِ ثقةٍ ويقينٍ: إنَّ نظامَ الظلمِ والطغيانِ والفسادِ والمكرِ ساقطٌ-بإذن الله- لا محالةَ، أقسمُ باللهِ العظيمِ على ذلكَ غير حانثٍ، والبينات القطعيةُ على ذلك لا عدَّ لها، ولا حصرَ، أذكرُ منها ما يلي:
1 - قال تعالى في شأن الأمم الماضية: عادٍ وثمودَ وفرعونَ: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ *فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ*فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ*إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 11 - 14].
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 888