responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 834
الدلالة المُطلقة للفعل الماضي في القرآن الكريم.
ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[26 - 09 - 2011, 01:55 ص]ـ
البسملة1

الفعل هو ما تضمن حدثا مقترنا بزمن معين. فالأفعال تنقسم بانقسام الزمن، ولكل فعل حدٌّ زمني ثابت بحيث لا يتحدد الفعل إلا بتعيين زمن وقوعه.
ويعتبر الفعل الماضي لبنة أساسية من لبنات اللغة العربية عامة والقرآن خاصة، وهو كذلك الزمن الأصلي للفعل في اللغة العربية بينما الأزمنة الأخرى،
كالمضارع والمستقبل والأمر، متفرعة عنه.
غير أن القرآن القرآن الكريم قد تعالى عن الإسناد الوضعي للأزمنة الفعلية: فالفعل القرآني معجز، حيث يجمع بين مناسبته للسياق والمقام، وبين أدائه للمعنى وتحقيقه لمقصد الخطاب القرآني.
وبتتبعنا للفعل الماضي في القرآن الكريم، يتبين لنا أن الزمن ــ في الكثير من الأحيان ــ قد يكون مُلغىً تماما من الفعل الماضي، إذ يصبح دالاًّ على الدوام والأبدية.
إن الفعل الذي يسميه النحاة بالماضي يخرج عن دلالته الحرفية التي عُرِف بها إلى دلالة أكبر، وهي الإطلاق والأبدية حيث تنتفي فيه الزمنية، ليصبح فعلا معجزا أبديا ومستقبليا دالا على الزمن المطلق.
وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تتجلى فيها هذه الظاهرة بوضوح، وسنكتفي بالتمثيل ببعضها:
* قال سبحانه وتعالى: ((خلق الإنسان علمه البيان)) الرحمن/ 2 ــ 3 وقال عز وجل كذلك: ((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)) الإسراء/ 23، فمَنْ مِنّا حين يتلو هاتين الآيتين يفهم منهما غير الإطلاق والأبدية، فالله تبارك وتعالى خالق الإنسان وبارؤه منذ الأزل، وهو أيضا الذي قضى ويقضي وسيقضي إلى الأبد بألا يُعبَد سواه وبأن يُحْسَن للوالدين.
* وقال جل جلاله: ((وكان الله عفوا غفورا)) النساء / 99. إنَّ (كان) في هذه الآية فعل ماض من حيث الصيغة، ولكن دلالته على الزمان تفيد الأبدية، ذلك أن الله سبحانه متعالٍ عن الزمان والمكان، وصفاته سبحانه كذلك غير محدودة في الزمان والمكان، بل هي أزلية لا بداية لها ولا نهاية، وهي ملازمة له جل وعلا. ومن هذه الصفات صفتا العفو والمغفرة المذكورتان في الآية واللتان تدلان على كمال ألوهيته وعظمته.
* ويقول عز وجل: ((أخرج منها ماءها ومرعاها)) النازعات / 31، ويقول تعالى أيضا: ((وسع كرسيه السماوات والأرض)) البقرة / 255 ويقول: ((إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)) الإنسان / 3، حيث نلاحظ أن الأفعال التي اشتملت عليها الآيات – إن صح أن نسميها أفعالاً وهي من الخالق تبارك وتعالى ــــ وهي إخراج الـ ــــماء والمرعى
وسَعَة الكرسي وهداية البشر، كلها أفعال مطلقة. فهي منسوبة إلى الله جل جلاله المتعالي عن الزمن، فلا يمكن أن تدل على زمن معين وإن كانت في ظاهرها دالة على الماضي.
وبالإضافة إلى ما ذُكِر من أفعال صادرة عنه سبحانه هناك أفعال ماضية في القرآن الكريم خرجت كذلك عن معناها النحوي وألغيت فيها الظاهرة الزمنية، دون أن تكون منسوبة إليه تبارك وتعالى:
* كقوله عز وجل: ((إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)) النساء / 102، فشعيرة الصلاة باعتبارها ركنا من أركان الإسلام وعمادَ الدين، كانت ولم تزل وستظل فريضة موقوتة، لا يمكن تعطيلها في المجتمع الإسلامي، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* وقوله سبحانه: ((إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابواوأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين)) النساء / 145 - 146 الذي وردت فيه أفعال تُشرَط على المنافقين في أي زمن كان ماضيا أوحاضرا أو مستقبلا، ألا وهي التوبة والإصلاح والاعتصام بحبل الله لكي يُصنَّفوا ضمن المؤمنين.
*وقوله جل وعلا أيضا: ((قد أفلح المؤمنون)) المؤمنون / 1. حيث نلاحظ أن فعل (أفلح) غير مقترن بزمن رغم إسناده للماضي لأن فلاح المؤمنين كان وسيكون دائما، طالما تحقَّقَ فيهم شرط الإيمان وما يستتبعه من صفاتٍ وأعمالٍ مرتبطة به، والتي عدَّدَتْها السورة القرآنية.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 834
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست