نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 807
ولما كان أعظم المطبقين للقرآن الكريم هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ مَنْ أراد أن يفهم القرآن فعليه بسيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، فإنَّ سيرته وحياته هي تطبيق عملي وتفسير للقرآن، فعندما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ) ([4] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn4))، فلا يكفي الاقتصار على قراءة ما ذكره المفسرون، فإن الاطلاع على السيرة النبوية وفهم الدروس والعبر منها تجعل الإنسان يفهم القرآن بطريقة أفضل.
2ـ التطبيق لما جاء في القرآن العظيم، بفعل أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}، وقال: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينَاً}.
وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، قال ابن عباس: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ}، يتبعونه حق اتباعه. وقال مجاهد: يعملون به حق عمله. وقال عبد الله بن مسعود: والذي نفسي بيده، إنَّ حقَّ تلاوته: أن يحلَّ حلاله ويحرِّم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوَّل منه شيئاً على غير تأويله.
قال الإمام ابن القيم: أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله، وإن أقام حروفه إقامة السهم ([5] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn5)).
وقد بيَّن الله سبحانه أنَّ في طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام الحياةَ الحقيقيةَ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، وقال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ) ([6] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn6)).
قال الإمام الرازي: ذكروا في قوله: {إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} وجوهاً:
الأول: قال السدي: هو الإيمان والإسلام وفيه الحياة لأن الإيمان حياة القلب والكفر موته، يدل عليه قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ المَيِّتِ}، قيل المؤمن من الكافر.
الثاني: قال قتادة: يعني القرآن أي أجيبوه إلى ما في القرآن، ففيه الحياة والنجاة والعصمة، وإنما سمي القرآن بالحياة؛ لأن القرآن سبب العلم، والعلم حياة، فجاز أن يسمى سبب الحياة بالحياة.
الثالث: قال الأكثرون: {لِما يُحْيِيكُمْ} هو الجهاد، ثم في سبب تسمية الجهاد بالحياة وجوه، أحدها: هو أن وهن أحد العدوين حياة للعدو الثاني، فأمر المسلمين إنما يقوى ويعظم بسبب الجهاد مع الكفار.
وثانيها: أن الجهاد سبب لحصول الشهادة وهي توجب الحياة الدائمة قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
وثالثها: أن الجهاد قد يفضي إلى القتل، والقتل يوصل إلى الدار الآخرة، والدار الآخرة معدن الحياة. قال تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}، أي الحياة الدائمة.
والقول الرابع: {لِما يُحْيِيكُمْ} أي لكلِّ حقٍّ وصواب، وعلى هذا التقدير فيدخل فيه القرآن والإيمان والجهاد وكل أعمال البر والطاعة، والمراد من قوله: {لِما يُحْيِيكُمْ} الحياة الطيبة الدائمة قال تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً} ([7] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn7)).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 807