responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 781
قرين).

قلة العلماء الربَّانيين:
- (فقد الطبيب هو الداء العضال، فإنَّ الأطباء هم العلماء وقد مرضوا فى هذه الأعصار مرضاً شديداً عجزوا عن علاجه، وصارت لهم سلوة فى عموم المرض حتى لا يظهر نقصانهم، فاضطروا إلى إغواء الخلق والإشارة عليهم بما يزيدهم مرضاً؛ لأنَّ الداء المهلك هو حبُّ الدنيا، وقد غلب هذا الداء على الأطباء فلم يقدروا على تحذير الخلق منه استنكافاً من أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم، فبهذا السبب عمَّ على الخلق الداء، وعظم الوباء، وانقطع الدواء، وهلك الخلق لفقد الأطباء، بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء، فليتهم إذ لم ينصحوا لم يغشوا، وإذا لم يصلحوا لم يفسدوا، وليتهم سكتوا وما نطقوا، فإنهم إذا تكلموا لم يهمهم فى مواعظهم إلا ما يرغب العوام ويستميل قلوبهم، ولا يتوصلون إلى ذلك إلا بالإرجاء وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة؛ لأنَّ ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع، فتنصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي، ومزيد ثقة بفضل الله، ومهما كان الطبيب جاهلاً أو خائباً أهلك بالدواء حيث يضعه فى غير موضعه، فالرجاء والخوف دواءان ولكن لشخصين متضادي العلة.
أما الذي غلب عليه الخوف حتى هجر الدنيا بالكلية، وكلف نفسه ما لا تطيق، وضيق العيش على نفسه بالكلية، فتكسر سورة إسرافه فى الخوف بذكر أسباب الرجاء ليعود إلى الاعتدال، وكذلك المصر على الذنوب المشتهي للتوبة الممتنع عنها بحكم القنوط واليأس استعظاماً لذنوبه التي سبقت يعالج أيضاً بأسباب الرجاء حتى يطمع فى قبول التوبة فيتوب.
فأما معالجة المغرور المسترسل في المعاصي بذكر أسباب الرجاء فيضاهي معالجة المحرور بالعسل طلباً للشفاء، وذلك من دأب الجهال والأغبياء، فإذن فساد الأطباء هي المعضلة الزباء التي لا تقبل الدواء أصلاً).

الحذر من الجدل المذموم:
- (أما الخلافيات التي أحدثت في هذه الأعصار المتأخرة، وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات، ما لم يعهد مثلها في السلف، فإياك وأن تحوم حولها، واجتنبها اجتناب السم القاتل، فإنها الداء العضال، وهو الذي رد الفقهاء كلهم إلى طلب المنافسة والمباهاة، وهذا الكلام ربما يسمع من قائله فيقال: (الناس أعداء ما جهلوا)، فلا تظن ذلك، فعلى الخبير سقطت، فاقبل هذه النصيحة ممن ضيَّع العمر فيه زماناً، وزاد فيه على الأولين تصنيفاً وتحقيقاً وجدلاً وبياناً، ثم ألهمه الله رشده وأطلعه على عيبه، فهجره واشتغل بنفسه، فلا يغرنك قول مَنْ يقول: (الفتوى عماد الشرع، ولا يعرف علله إلا بعلم الخلاف)، فإنَّ علل المذهب مذكورة في المذهب، والزيادة عليها مجادلات لم يعرفها الأولون ولا الصحابة، وكانوا أعلم بعلل الفتاوى من غيرهم، بل هي مع أنها غير مفيدة في علم المذهب ضارة مفسدة لذوق الفقه، فإنَّ الذي يشهد له حدس المفتي إذا صح ذوقه في الفقه، لا يمكن تمشيته على شروط الجدل في أكثر الأمر، فمن ألف طبعه رسوم الجدل أذعن ذهنه لمقتضيات الجدل، وجبن عن الإذعان لذوق الفقه.
وإنما يشتغل به من يشتغل لطلب الصيت والجاه، ويتعلل بأنه يطلب عِلَل المذهب، وقد ينقضي عليه العمر ولا تنصرف همته إلى علم المذهب، فكن من شياطين الجن في أمان، واحترز من شياطين الإنس، فإنهم أراحوا شياطين الجن من التعب في الإغواء والإضلال، وبالجملة فالمرضي عند العقلاء أن تقدر نفسك في العالم وحدك مع الله، وبين يديك الموت والعرض والحساب، والجنة والنار، وتأمل فيما يعنيك مما بين يديك، ودع عنك ما سواه والسَّلام).

المال والجاه:
- (إنَّ الجاه والمال هما ركنا الدنيا، ومعنى المال: ملك الأعيان المنتفع بها، ومعنى الجاه: ملك القلوب المطلوب تعظيمها وطاعتها، وكما أنَّ الغني هو الذي يملك الدراهم والدنانير، أي يقدر عليهما ليتوصل بهما إلى الأغراض والمقاصد وقضاء الشهوات وسائر حظوظ النفس، فكذلك ذو الجاه هو الذي يملك قلوب الناس، أي يقدر على أن يتصرف فيها ليستعمل بواسطتها أربابها في أغراضه ومآربه.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 781
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست