نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 777
وأما من وصل إلى المركب بثقل ما أخذه من الأزهار والأحجار فقد استرقته وشغله الحزن بحفظها والخوف من فوتها وقد ضيقت عليه مكانه فلم يلبث أن ذبلت تلك الأزهار وكمدت تلك الألوان والأحجار فظهر نتن رائحتها فصارت مع كونها مضيقة عليه مؤذية له بنتنها ووحشتها فلم يجد حيلة إلا أن ألقاها في البحر هرباً منها وقد أثر فيه ما أكل منها فلم ينته إلى الوطن إلا بعد أن ظهرت عليه الأسقام بتلك الروائح فبلغ سقيماً مدبراً، ومن رجع قريباً ما فاته إلا سعة المحل، فتأذى بضيق المكان مدة ولكن لما وصل إلى الوطن استراح، ومن رجع أوَّلاً وجد المكان الأوسع، ووصل إلى الوطن سالماً، فهذا مثال أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة، ونسيانهم موردهم ومصدرهم، وغفلتهم عن عاقبة أمورهم، وما أقبحَ مَنْ يزعم أنه بصير عاقل أن تغره أحجار الأرض وهي الذهب والفضة، وهشيم النبت وهي زينة الدنيا، وشيء من ذلك لا يصحبه عند الموت، بل يصير كلَّا ووبالاً عليه، وهو في الحال شاغل له بالحزن والخوف عليه، وهذه حال الخلق كلهم إلا مَنْ عصمه الله عزَّ وجلَّ).
- (إنَّ مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا مثل رجل هيَّأ داراً وزيَّنها، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوماً واحداً بعد واحد، فدخل واحد داره فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور ورياحين ليشمه ويتركه لمن يلحقه لا ليتملكه ويأخذه، فجهل رسمه وظن أنَّه قد وهب ذلك، فتعلق به قلبه لما ظن أنه له، فلما استرجع منه ضجر وتفجع، ومَنْ كان عالماً برسمه انتفع به وشكره، ورده بطيب قلب وانشراح صدر، وكذلك من عرف سنَّة الله في الدنيا علم أنَّها دار ضيافة، سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منها وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري، ولا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها).
[/ URL]([1]) ـ رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، (1599).
(http://www.ahlalloghah.com/#_ftnref1)([2]) ـ رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة، (6126)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، (1599).
[URL="http://www.ahlalloghah.com/#_ftnref3"]([3]) ـ الحديث كما رواه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحِجْر، (4161)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَاماً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَهُمْ بِالمَدِينَةِ؟ قَالَ: (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ).
ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[12 - 10 - 2011, 02:44 ص]ـ
حبُّ الدنيا:
- (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة، وأساسُ كلِّ نقصان، ومنبعُ كلِّ فساد، ومَن انطوى باطنه على حبِّ الدنيا حتى مال إلى شيء منها لا ليتزود منها ولا ليستعين بها على الآخرة، فلا يطمعن في أنْ تصفو له لذة المناجاة في الصلاة، فإنَّ مَنْ فرح بالدنيا لا يفرح بالله سبحانه وبمناجاته، وهمَّة الرجل مع قرَّة عينه، فإنْ كانت قرَّة عينه في الدنيا انصرف لا محالة إليها همُّه، ولكن مع هذا فلا ينبغي أن يترك المجاهدة ورد القلب إلى الصلاة، وتقليل الأسباب الشاغلة، فهذا هو الدواء المر، ولمرارته استبشعته الطباع، وبقيت العلة مزمنة، وصار الداء عضالاً، حتى إنَّ الأكابر اجتهدوا أن يصلوا ركعتين لا يحدثوا أنفسهم فيها بأمور الدنيا، فعجزوا عن ذلك، فإذن لا مطمع فيه لأمثالنا، وليته سلم لنا من الصلاة شطرها أو ثلثها من الوسواس، لنكون ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وعلى الجملة فهمَّةُ الدنيا وهمَّةُ الآخرة في القلب مثل الماء الذي يصب في قدح مملوء بخل، فبقدر ما ندخل فيه من الماء يخرج منه من الخل لا محالة ولا يجتمعان).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 777