responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 774
- (اعلم أنه كما يطلع الطبيب الحاذق على أسرار في المعالجات يستبعدها من لا يعرفها، فكذلك الأنبياء أطباء القلوب والعلماء بأسباب الحياة الأخروية، فلا تتحكم على سننهم بمعقولك فتهلك، فكم من شخص يصيبه عارض في أصبعه فيقتضي عقله أن يطليه، حتى ينبهه الطبيب الحاذق أنَّ علاجه أن يطلي الكف من الجانب الآخر من البدن، فيستبعد ذلك غاية الاستبعاد من حيث لا يعلم كيفية انشعاب الأعصاب ومنابتها ووجه التفافها على البدن، فهكذا الأمر في طريق الآخرة وفي دقائق سنن الشرع وآدابه، وفي عقائده التي تعبد الناس بها أسرار ولطائف ليست في سعة العقل وقوته الإحاطة بها، كما أنَّ في خواص الأحجار أموراً عجائب غاب عن أهل الصنعة علمها، حتى لم يقدر أحد على أن يعرف السبب الذي به يجذب المغناطيس الحديد، فالعجائب والغرائب في العقائد والأعمال وإفادتها لصفاء القلوب ونقائها وطهارتها، وتزكيتها وإصلاحها للترقي إلى جوار الله تعالى، وتعرضها لنفحات فضله، أكثر وأعظم مما في الأدوية والعقاقير، وكما أنَّ العقول تقصر عن إدراك منافع الأدوية مع أنَّ التجربةَ سبيلٌ إليها، فالعقول تقصر عن إدراك ما ينفع في حياة الآخرة، مع أنَّ التجربة غير متطرقة إليها، وإنما كانت التجربة تتطرق إليها لو رجع إلينا بعض الأموات فأخبرنا عن الأعمال المقبولة النافعة المقربة إلى الله تعالى زلفى، وعن الأعمال المبعدة عنه، وكذا عن العقائد، وذلك مما لا يطمع فيه، فيكفيك من منفعة العقل: أن يهديك إلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم ويفهمك موارد إشاراته، فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرُّف، ولازم الاتباع فلا تسلم إلا به والسَّلام).

السعادة الحقيقية:
- (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال).
- (ما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه).
- (قد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}، وقال عز وجل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ}، ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه).
- (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطب الأجساد، مع أن الأجساد قد كتب عليها الموت لا محالة، والقلوب لا تدرك السعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}).
وقال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما).
- (فمفتاح السعادة: التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة).
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 774
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست