نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 736
خطبة حول مفاسد خروج الأضحية خارج البلد - للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[أم محمد]ــــــــ[29 - 10 - 2011, 01:07 م]ـ
البسملة1
الحمدُ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسِنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ:
فيا عبادَ الله، إنَّ الله شرَعَ بحكمتِه ورحمتِه لعباده الذين لم يحجّوا أن يتقرّبوا إليه بذبح الأضاحي عنهم وعن أهليهم في بلادهم؛ لتعظّم شعائر الله عند المسجد الحرام وفي البلاد الإسلامية الأخرى، وهذا من كمال حكمته جلَّ وعلا أن تكون هذه النسيكة في جميع بقاع المسلمين لا في بقعة واحدة، قال الله تعالى:?وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا? [الحج: 34]، وقال تعالى:?وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ? [الحج: 36 - 37]، وقال تعالى: ?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ? [الكوثر: 2]، وقال تعالى:?قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ? [الأنعام: 162 - 163]، فقَرَنَ الله تعالى النحر والنسك - وهو: الذبح والنحر - قرَنه بالصلاة؛ وذلك لأنه من شعائر الله عزَّ وجل، فالمقصود بالأضاحي: إقامة هذه الشعيرة والتعبّد لله تعالى بها، وليس المقصود بها أن ينتفع بها الفقراء فقط لقوله تعالى:?لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا? [الحج: 37]؛ ولهذا قدّم الله الأكل منها على الإطعام منها فقال: ?فَكُلُوا مِنهَا وَأَطْعِمُواْ? [الحج: 28]، وهذا يدل على أهميّتها، وأنه لا ينبغي أن يُخرجها الإنسان عن بلده بل الأفضل أن يذبحها في بيته إذا كان هناك مكان للذبح وإلا ففي مكان آخر، ويباشر هو ذبحها إن أحسَنَه وإلا وَكَّلَ وشَهِدَه.
ولقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن الأضحية شيء واللحم شيء آخر فقال: «من صلَّى صلاتنا ونسَكَ نسكنا فقد أصاب النسك، ومَن نسَكَ قبل الصلاة فتلك شاة لحم»، فقال رجل: يا رسول الله، نسكتُ قبل أن أخرج إلى الصلاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلك شاة لحم»؛ يعني: وليست أضحية، فَفََرَّقَ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بين شاة اللحم وشاة النسك.
وفي هذه النصوص القرآنية والسنّة النبويّة دليل واضح على أنه ليس المقصود من الأضاحي مجرّد الانتفاع باللحم، ولو كان هذا هو المقصود لأجزأت الأضحية بالصغير والكبير ومن بهيمة الأنعام وغيرها وبالدراهم والفرش واللباس ولكنّ المقصود الأعظم شيء وراء ذلك وهو تعظيم شعائر الله، والتقرّب إليه تعالى بالذبح، وذكْر اسم الله عليها وهذا لا يحصل، انتبهوا أيها الإخوة، هذا لا يحصل إلا إذا أقيمت هذه الشعيرة في البلاد ورآها الصغير والكبير وذُكِرَ اسم الله عليها؛ وبذلك نعلم أن الأَولَى والأكمل والأفضل والأقوم لشعائر الله أن يضحي الناس في بلادهم، وألا يُخْرِجوا أضاحيهم عن بلادهم وبيوتهم؛ لأن إخراجها عن البلاد يفوت به مصالح كثيرة ويحصل به شيء من المفاسد.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 736