responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 702
«في هذا الخبرِ دليلٌ على صحَّة ما ذكرنا: أن المحدِّث إذا روى ما لم يصحَّ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مما تقوِّل عليه وهو يعلمُ ذلك؛ يكون كأحدِ الكاذبين، على أنَّ ظاهر الخبر ما هو أشدُّ وذاك أنَّه قال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- «مَن رَوى عنِّي حديثًا وهو يَرى أنَّه كَذِب» ولم يقلْ: إنَّه يتيقَّن أنه كَذب، فكُلُّ شاكٍّ فيما يروي أنه صحيح أو غير صحيح؛ داخلٌ في ظاهرِ خِطاب هذا الخبر ولو لم يتعلم التَّاريخ وأسماء الثِّقات والضُّعفاء ومن يجوز الاحتجاج بأخبارهم ممن لا يجوز إلا لهذا الخبر الواحد لكان الواجبُ على كل مَن ينتشل السُّنن أن لا يقصر في حفظِ التَّاريخ حتى لا يدخلَ في جملة الكذبِ على رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-» اهـ.
قلتُ: إن الكذبَ على رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ليس بالأمر الهيِّن فالعاقبةُ وَخِيمة، إذ النَّار مصير مَن يفعل ذلك عمدًا؛ لحديث علي -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-:
«لا تَكذِبُوا عليَّ فإنه مَن يَكذبْ عليَّ يَلِجِ النَّار» رواهُ مسلم في مقدمة الصَّحيح (1) والبخاري في صحيحه (106).
وعن أبي هريرة -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «مَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فَلْيَتبوَّأ مَقعدَهُ مِن النَّار» رواه مسلم في مقدمة صحيحه والبخاري في صحيحه (110).
قال القاضي عياض المالكيُّ -رحمهُ اللهُ- في كتابه «إكمال المعلم» (1/ 113):

«وإذا كان الكذبُ ممنوعًا في الشَّرع جملةً؛ فهو على النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أشدُّ؛ لأن حقَّه أعظم، وحقَّ الشَّريعة آكَدُ، وإباحةَ الكذبِ عليه ذريعةٌ إلى إبطالِ شرعِه وتحريفِ دِينه» اهـ.
فإن قيل: إن الذين يَنقلون الأحاديثَ لا يتعمَّدون الكذب على رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ وإنَّما يسمعون أو يقرؤون مِن الكتب ثم ينقلون، فلَم تَكنْ نيَّتُهم الكذبَ على رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
فالجواب: سبق التَّفصيل في أنواع الدعاة من النَّاس وغيرهم مِن نقلةِ الأخبار؛ فارجع إليه، ثم مع حُسنِ قَصدِهم؛ لا يجوزُ لهم نقلُ حديثٍ حتى يعلموا بل يتوثَّقوا مِن صحته، ودليلُ هذا ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (5) وأبو داود في سننه (4992) وابن حبان في المجروحين (1/ 17): عن أبي هريرة -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-:
«كفَى بالمرءِ كذِبًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سَمِع».
قال الإمام ابن حبان -رحمهُ اللهُ- في ضعفائه (1/ 17): «في هذا الخبر زجرٌ للمرء أن يحدث بكل ما يسمعُ حتَّى يعلمَ على اليقين صحَّتَه».
وقال القاضي عياض -رحمهُ اللهُ- في «إكمال المعلم» (1/ 114): «أنَّ من حدَّث بكلِّ ما سمع وفيه الحقُّ والباطل والصِّدقُ والكذب نُقل عنه هو -أيضًا- ما حدَّث به مِن ذلك؛ فكان مِن جُملة مَن يَروي الكذبَ، وصار كاذبًا لرِوايته إيَّاه، وإن لم يتعمَّدْهُ، ولا عَرَف أنَّه كذب» اهـ.
وروى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (5) عن عمر بن الخطاب -رضيَ اللهُ عنهُ-: قال:
«بحسب المرءِ مِن الكذبِ من أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع» وكذا أخرج -أيضًا- عن عبدالله بن مسعود بمثل هذا الأثر.
وأخرج -أيضًا- (4) عن عبدالله بن وهب -رحمهُ اللهُ- قال: قال لي مالك:
«اعلم أنه ليس يَسلَم رجلٌ حدَّث بكلِّ ما سمع، ولا يكون إمامًا أبدًا وهو يحدِّث بكلِّ ما سمع».
قال الإمام النووي -رحمهُ اللهُ- في شرحه على مسلم (1/ 34) في بيان معنى حديث أبي هريرة وأثري عمر وعبدالله قال:
«معناه يَكفيهِ ذلك مِن الكذب فإنَّه قد استكثر منه، وأمَّا معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزَّجرُ عن التَّحديث بكلِّ ما سمع الإنسانُ؛ فإنه يسمع في العادةِ الصِّدقَ والكذب، فإذا حدَّث بكل ما سمعَ؛ فقد كذَبَ لإخبارِه بما لم يكن» اهـ.
وقال في بيان معنى كلام مالك -رضيَ اللهُ عنهُ-: «فمعناهُ أنه إذا حدَّث بكلِّ ما سمع؛ كثر الخطأ في روايتِه، فتُرك الاعتمادُ عليه والأخذُ عنه» اهـ.

من كتاب: «تحذير الخلان من رواية الأحاديثِ الضَّعيفة حول رمضان»، للشيخ عبدالله الحمادي، (46 - 50).

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 702
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست