نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 572
في التعامل مع أخطاء (أهل العلم)
ـ[أم محمد]ــــــــ[17 - 01 - 2012, 07:46 ص]ـ
البسملة1
قال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- في محاضرة له -مفرَّغة- بعنوان: "الفتوى بين مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء":
إذا كانت المسألةُ (متعلقةً بِعالِمٍ من أهلِ العلم في الفتوى في شأنِه بأمرٍ مِن الأمور؛ فإنَّه -هُنا- يَجبُ النَّظرُ فيما يؤُول إليه الأمرُ مِن المصالِح ودَفعِ المفاسد.
لِهذا: ترى أئمةَ الدَّعوةِ -رحِمَهُم اللهُ تعالى- مِن وقت الشَّيخ عبدِ اللَّطيفِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ حسَنٍ-أحد الأئمَّةِ المشهورين إلى وقت الشَّيخِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ -رحِمهُ اللهُ تعالى-: إذا كان الأمرُ مُتعلِّقًا بإمامٍ، أو بِعالِمٍ، أو بِمَن له أثرٌ في السُّنَّة؛ فإنَّهُم يتورَّعونَ، ويَبتَعِدون عن الدُّخولِ في ذلك.
مِثالُه: الشَّيخُ الصِّدِّيق حسَن خان القِنَّوجيُّ الهِنديُّ المعروفُ عند علمائنا، له شأنٌ، ويُقدِّرون كتابَه "الدِّين الخالِص"، مع أنَّه نَقَدَ الدَّعوةَ في أكثر مِن كتابٍ لهُ؛ لكنْ يَغُضُّون النَّظرَ عن ذلك ولا يُصعدون هذا؛ لأجلِ الانتفاعِ بأصلِ الشَّيءِ، وهو تحقيقُ التَّوحيدِ ودَرءُ الشِّركِ.
المثالُ الثَّاني: الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ الصَّنعانِيُّ المعروفُ، صاحبُ كتابِ "سُبُل السَّلام" [و] غيره، له كتابُ "تطهير الاعتِقادِ"، وله جهودٌ كبيرةٌ في رَدِّ النَّاسِ للسُّنَّةِ، والبُعدِ عن التَّقليدِ المذمومِ والتَّعصُّبِ وعن البِدَع؛ لكنَّهُ زَلَّ في بعض المسائلِ، ومنها: ما يُنسبُ إليه في قصيدتِه المشهورةِ لَمَّا أثنى على الدَّعوةِ، قيلَ إنَّه رَجعَ عن قَصيدَتِه تلكَ بِقصيدةٍ أُخرى يقولُ فيها:
رَجعتُ عنِ القَولِ الذي قَد قُلتُ في النَّجدي
ويعنِي بهِ الشَّيخَ محمَّدَ بنَ عبدِ الوهَّاب.
ويأخذُ هذه القصيدةَ أربابُ البدعِ -وهي تُنسبُ له، وتُنسبُ-أيضًا-لابنِه إبراهيمَ-؛ وينشرونَها على أنَّ الصَّنعانِيَّ كان مُؤيِّدًا للدَّعوةِ لكنَّه رجعَ.
والشَّوكانِيُّ -رَحمهُ اللهُ تعالى-، مَقامُه -أيضًا- معروفٌ، الشَّوكانيُّ له اجتهادٌ خاطئٌ في التَّوسُّل، وله اجتهادٌ خاطئٌ في الصِّفاتِ، وتفسيرُهُ في بعضِ الآياتِ فيهِ تأويلٌ، وله كلامٌ في عُمرَ بنِ الخطَّابِ -رضيَ اللهُ عنهُ- ليس بِجَيِّد، أيضًا في معاويةَ -رَضِيَ اللهُ عنْهُ- ليس بِجيِّدٍ؛ لكنَّ العُلماءَ لا يَذكُرون ذلك.
وألَّف الشَّيخُ سُليمانُ بنُ [سحمانَ] كتابَه "تبرئة الشَّيخَين الإمامَيْن .. " -يعني بِهما الإمامَ الصَّنعانيَّ والإمامَ الشَّوكانيَّ-.
وهذا؛ لِماذا فعلوا ذلك؟
لأنَّ الأصلَ الذي يَبنِي عليه هؤلاءِ العُلماءُ هو السُّنَّة.
فهؤلاءِ ما خالفونا في أصلِ الاعتِقادِ، ولا خالفونا في التَّوحيدِ، ولا خالفونا في نُصرةِ السُّنَّة، ولا خالفونا في ردِّ البِدَع؛ وإنَّما اجتهدُوا فأخطؤُوا في مسائلَ.
والعالِمُ لا يُتَّبع بِزَلَّتِه كما أنَّه لا يُتَّبع في زلَّتِه، هذه تُتركُ ويُسكتُ عنها، ويُنشرُ الحقُّ، ويُنشرُ مِن كلامِه ما يُؤيَّدُ به.
وعُلماء السُّنَّةِ لَمَّا زلَّ ابنُ خُزيمةَ -رحمهُ اللهُ- في مسألة الصُّورةِ -كما هو معلومٌ- ونفَى إِثباتِ الصُّورةِ للهِ -جلَّ وعلا- ردَّ عليهِ ابنُ تيميَّةَ -رحمهُ [اللهُ]- بأكثرَ مِن مائة صفحةٍ، ومع ذلك علماءُ السُّنَّة يقولون عن ابنِ خُزيمةَ إنَّه إمامُ الأئمَّة، ولا يَرضَون أنَّ أحدًا يَطعنُ في ابنِ خُزيمةَ لأجل أنَّ له كتابَ التَّوحيد الذي ملأه بالدِّفاع عن تَوحيدِ اللهِ ربِّ العالَمين، وإثباتِ أنواع الكمالاتِ له -جلَّ وعلا- بأسمائِه ونعوت جلالِه -جلَّ جلالُه، وتقدَّست أسماؤُه-.
والذَّهبيُّ -رحمهُ [اللهُ]- في "سِيرِ أعلامِ النُّبلاءِ" قال: وزلَّ ابنُ خُزيمةَ في هذه المسألة.
فإذن -هُنا-: إذا وقع الزَّللُ في مثلِ هذه المسائل؛ فما الموقف منها؟
الموقفُ: أنه يُنظرُ إلى مُوافقتِه لنا في أصلِ الدِّينِ، مُوافقتِه للسُّنَّة، نُصرتِه للتَّوحيدِ، نَشرِ العلمِ النَّافِع، ودَعوتِه للهُدى .. ونحوِ ذلك مِن الأصول العامَّة، ويُنصحُ في ذلك، ورُبَّما رُدَّ عليه؛ لكنْ لا يُقدَحُ فيه قَدحًا يُلغيهِ تَمامًا.
وعلى هذا كان منهجُ أئمَّةِ الدَّعوةِ في هذه المسائلِ -كما هو معروف-.
وقد حدَّثني فضيلةُ الشَّيخ صالِحُ بنُ محمَّد اللُّحَيدان -حفظهُ الله تعالى- حينما ذكر قصيدةَ الصَّنعانيِّ الأخيرةَ (رجعتُ عن القولِ الذي قلتُ في النَّجدي) -التي يقالُ إنَّه رجع فيها، أو أنَّه كتبها-، قال: سألتُ شيخَنا الشَّيخَ محمَّدَ بنَ إبراهيمَ -رحمهُ اللهُ- عنها: هل هي لَهُ، أم ليست له؟
قال: [فقال] لي الشَّيخُ -رحمهُ اللهُ-: الظَّاهرُ أنَّها له.
والمشايخُ -مشايِخُنا- يُرجِّحون أنَّها له؛ ولكنْ لا يُريدون أنْ يُقالَ ذلك؛ لأنَّه نَصَر السُّنَّة وردَّ البدعة، مع أنه هجم على الدَّعوةِ ...
الشَّوكانيُّ له قصيدةٌ أرسلها للإمامِ سُعود ينهاه فيها عن كثيرٍ مِن الأفعال مِن قتالٍ، ومِن التَّوسُّع في البلاد، ونحو ذلك فيه أشياء ...
فإذن الشَّريعة جاءت لتحصيل المصالِح وتكميلِها، ودرء المفاسد وتَقليلِها، وهذه القاعدةُ المتَّفقُ عليها لَها أثرٌ كبير؛ بل يجبُ أن يكونَ لَها أثر كبير في فتوى المُفتي وفي استفتاء المستفتي -أيضًا- ...).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 572