responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 457
مِنْ فقه الأولويات
ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[22 - 04 - 2012, 06:19 م]ـ
مِنْ فقه الأولويات

عمر بن عبد المجيد البيانوني

إن من الأهمية البالغة لكل مسلم أن ينضبط عنده ميزان الأولويات بشكل منطقي وصحيح حتى لا يقدِّم المهم على الأهم، أو يحرص على المفضول ويترك الفاضل، كمن يحرص على أداء بعض النوافل والمستحبات ويفرط في أداء الفرائض والواجبات أو يتساهل في فعل المحرمات، وكان ابن عمر يقول لأهل العراق: ما أسْأًلَكم عن الصغيرة وأجرأكم على الكبيرة، تقتلون الحسين ابن بنت رسول الله http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif وتسألون عن دم البعوضة.
والذين يجلدون الإمام أحمد بن حنبل كانوا يسألونه عن الدم الذي ينضح على ثيابهم، وكانوا ينتقدونه على أن يصلي وهو جالس والقيد في يديه وفي رجليه.
وكالذي سأل شيخاً وقال: إني زنيت وصارت المرأة حاملاً من الزنا فماذا أصنع؟ فقال له الشيخ: ولماذا جعلت المصيبة مصيبتين، لماذا لم تعزل؟ فقال: بلغني أن العزل مكروه، فقال له الشيخ: بلغك أن العزل مكروه ولم يبلغك أن الزنا حرام؟
والفهم الصحيح للدين يستلزم معرفة فقه الأولويات وكيفية الموازنة والترجيح بين المصالح والمفاسد إذا تعارضت فكما يقال: (ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، ولكن العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين).
وهذه بعض الأمور التي يجدر التنبيه إليها:

1ـ على من يقوم بالإصلاح أن يصلح نفسه أولاً ثم من يعوله، والبدء بالإصلاح الداخلي للمجتمع المسلم وتقويته قبل الاهتمام بفضح مخططات الأعداء ومؤامراتهم، فما كان للأعداء أن يتسلطوا لولا الفساد والضعف الداخلي من الابتعاد عن دين الله تعالى، والظلم بشتى صوره وأشكاله، وعدم تعيين الأكفاء في المناصب، والفساد الإداري والمالي، والتقصير في محاربة الفقر، والتفرقات العنصرية سواء بين المناطق والقبائل أو بين الجنسيات، ـ والأصل في ذلك أن لا يفرق بين أحد وغيره إلا على أساس الكفاءة والقدرة ـ، وعدم الاهتمام بالعلم والتعليم بالشكل المطلوب، والتقصير في تقدير العلماء والمبدعين بل وقد يصل الأمر إلى محاربتهم والتضييق عليهم.
ومن الضعف الداخلي: التفرُّق والاختلاف بسبب مسائل اجتهادية من فروع الدين لا ينبغي المعاداة والتفرُّق من أجلها، فليس من مصلحة الإسلام أن يحارِب أحدٌ مَنْ يخالفه في فروع الدِّين ويترك اليهود والمشركين، فيَسْلَم أعداؤه منه ولا يسلم منه أخوه المسلم، مع أنَّ الحقَّ قد يكون مع أخيه وليس معه كما يحسب، فليس من العقل والحكمة في شيء إذا دخل عدوٌّ على بيت أحد، أن يختلف أهل البيت فيما بينهم في أمور ثانوية ويتركوا عدوهم يفعل ما يشاء! لكن المصيبة أن هناك من يفعل هذا فيضخم الخلافات الفرعية ويغفل عن نقاط الاتفاق والكليات المشتركة وهو يحسب أنه يدافع عن الإسلام.
وقد أمر الله نبيَّه عليه الصلاة والسلام أن يقول للمشركين: {وَإِنَّا أوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، هذا مع أنه http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif مؤيَّدٌ بالوحي ولا يمكن أن يكون الحق إلا معه، وذلك تعليماً للناس بأن يكونوا منصفين في حوارهم مع من يختلفون.

2ـ تقديم الاهتمام بأعمال القلوب على أعمال الجوارح، لأنه إذا صلح القلب صلح سائر العمل وإذا فسد القلب فلا عبرة بصلاح الظاهر عند فساد السرائر، فالإكثار من العبادات الظاهرة والاجتهاد فيها من غير إصلاح للباطن قد يقترن بما يحبط العمل ويفسده، فقد أخبر النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif عن قوم (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) متفق عليه، وفي رواية في البخاري: (يَقْتُلُونَ أهْلَ الإسلامِ وَيَدَعُونَ أهْلَ الأَوثَانِ)، فهؤلاء مع كثرة عبادتهم يمرقون من الدين ويخرجون منه، وقد علَّل كثير من العلماء ذلك بأنَّ في باطنهم من الكبر الخفي الذي يقودهم إلى تضليل المسلمين أو تكفيرهم ويجعلهم يعتقدون أنهم وحدهم على الحق المبين ومن سواهم على الضلال، وهذا الحديث وإن كان في الخوارج إلا أنَّ فِكْرَهم ما زال موجوداً، فالحذرَ الحذرَ
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست