نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 2018
رد قول الفرية في جواز حلق اللحية
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 05:56 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قال تعالى: (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفترواعلى الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون) الآية
مَنْ يَتأمّل أحوال الناس في هذا الزمان يجدهم قد تجرؤوا على الفتيَا، حتى أصبح الأمر مختلطاً على المفتين قبل المستفتين!، فصار لكل قناة من القنوات الفضائية مفتٍ وأكثر، وكذلك الجرائد والمجلات، بل إن المجلات التي تنشر الفسق يُوجد فيها من يفتي!، وهذا الأمر في غاية الخطورة، فإن الناس إذا تٌركوا على هذا فإنه سيأتي قوم يتهاونون ويتجرؤون أكثر، فيحلون ماحرّم الله، ويحرّمون ما أحله!.
وفي هذا العصر الذي يُسرت فيه وسائل التقنية، كان لزاماً على الناس أن يصونوا كلامهم عن الزلل، لأن التّبعة تعظم بانتشاره، فكيف إن كانت فتوى يُوقّع بها عن ربّه!. قال الشاطبي: (إنما المفتي مخبر عن الله -تعالى في حكمه) الموافقات ص95\ 5
وقال الأمام أحمد في جامع بيان العلم وفضله: (وليعلم المفتي أنه يُوقّع عن الله بأمره ونهيه، وأنه موقوف ومسؤول عن ذلكَ) ص 177\ 1
ولمّا رأيتُ كثرة الزاعمين بجواز حلق اللحية بحجّةِ الخلاف في الأخذ منها، أردّتُ التبيين والإيضاح مستعيناً بالله ثم بالأقوال المأثورة مبيّناً حقيقة الخلاف.
قال أبو حسن الحصّار:
وليس كل خلاف جاء معتبراً * * إلا خلاف له حظ من النظر
أولاً: الأدلة الشرعيّة على وجوبِ إعفائها.
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه مسلم. وللبخاري: (أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (جزّوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس) رواه مسلم.
قال الحافظ بن حجر -رحمه الله: (إعفاء اللحية تركها على حالها)
فالأدلةُ على تحريمِ الحلق واضحة في نصّ قوله (أعفوا - أرخوا) حيث أمر بإعفاء اللحية، والأمر بالشيء هو النّهي عن ضدّه -على الصحيح، وقد بيّن ذلكَ من خلال فِعله -صلى الله عليه وسلم- في أمره، كما جاء في وصف جابر -رضي الله عنه أنّه كثير شعر اللحية، ووصف البراء -رضي الله عنه بأنّه كث اللحية.
ومن فعل الصحابة، كان أبو بكر رضي الله عنه كث اللحية، وكان عثمان -رضي الله عنه رقيق اللحى طويلها، وكان عمر -رضي الله عنه - كث اللحية، وكان علي -رضي الله عنه عريض اللحية وقد ملأت مابين منكبيه. ذكره ابن عبدالبر
ثانياً: الخلافُ في الأخذِ منهَا وليسَ لحلقها.
ماذُكر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا كان في حج أوعمرة أنه يقبض على لحيته فما فضُل أخذه، ومارُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه - أنّه يقبض لحيته ثم يأخذ مافضلَ منها.
فالصحيح: أنّ الحجّة فيما رَوى الصحابي لا فيما رأى، فإن أبا هريرة -رضي الله عنه- هوَ راوي الحديث السابق في صحيح مسلم، الذي جاء فيه الأمر بإرخاء اللحى ومخالفة المجوس، وكذلك ابن عمر -رضي الله عنه- فهو راوي الحديث الذي فيه الأمر بإعفاء اللحية (كما تقدّم).
قال ابن حجر -رحمه الله: (والذي يظهر أن ابن عمر كان لايخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تشوّه فيها الصورة بإفراط شعر اللحية أو عرضه). فتح الباري 10\ 350
وقد نقل الإجماع الإمام ابن حزم -رحمه الله- مانصّه عنه ابن مفلح-رحمه الله: (وذكرَ ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض)
بل إنّه قد نصّ الإمام ابن حزم -رحمه الله- على وجوب إعفائها في المحلّى 2/ 219: (وأمّا فرض قص الشارب وإعفاء اللحية فإن عبد الله بن يوسف ثنا ... عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خالفوا المشركين احفوا الشوارب واعفوا اللحى)
هذه نقولات لردّ مَن زعم جواز الأخذ من اللحيةِ، وأما القول بجواز حلقها باطلٌ لا وجه لهُ، لأن الأدلة في الأمر بإعفائها صريحة والأقوال -عند الأئمة- في الحكم بتحريمها كثيرة، ومِن أحسنها قول المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه (آداب الزفاف): (ومما لاريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن كلا من الدلة السالفة الذكر كاف لإثبات وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها فكيف بها مجتمعة).
* قد يقول قائل: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بإعفاء اللحية وقص الشارب في قوله (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى)، وقص الشارب مستحب وليس واجب فتكون كذلك اللحية؟!
فنقول: إن قص الشارب واجب على الصحيح من أقوال أهل العلم.
ولو سلّمنَا بأن قص الشارب ليس بواجبٍ فإنّه قدْ يُجمع بين واجب وسنّة وهذا لا إشكال فيه كقوله تعالى " كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " الآية، فهنا أمرين أحدهما ليس بواجب (كُلوا مِنْ ثَمرهِ) والآخر واجب (وَأتوا حَقّهُ)، والمقصود هُنا هو إخراج الزكاة.
أسألُ الله بمنّهِ وفضلهِ أنْ يهدينا وضالّ المسلمين، ويُنير بصائرهم عن الزيغ في وحل الهوى، والله تعالى أعلم ونسبُ العلمِ إليهِ أحكم وصلى الله على الحبيب وسلم.
.أبو تميم التميمي
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 2018