نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1957
القاسم بن فيره الشاطبي (538 - 590هـ)
ـ[عائشة]ــــــــ[13 - 10 - 2008, 03:21 م]ـ
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الشَّاطبيُّ
-رحمه الله-
(538 - 590هـ)
هو الشَّيخ، الإمام، العالِم، العامل، القدوة، سيِّد القُرَّاء، أحد الأعلام الكِبار، والمشتهرين في الأقطار: أبو محمَّد، وأبو القاسم، القاسم بن فِيرُّه بن خَلَف بن أحمد الرُّعَيْنِيُّ، الأندلسيُّ، الشَّاطبيُّ، الضَّرير، ناظم "الشَّاطبية" و"الرَّائيَّة".
وُلِدَ سنة 538 هـ بشاطبةَ مِنَ الأندلس، وقرأ ببلده القراءات، وأتقنَها على أبي عبد الله محمَّد بن أبي العاص النفزيِّ، ثُمَّ رَحَل إلى بَلَنْسِيةَ -بالقرب من بَلَدِه-؛ فعَرَضَ بِها "التَّيسير" مِنْ حفظه والقراءات على ابنِ هُذَيْل. ثُمَّ رَحَل للحجِّ؛ فسمع من أبي طاهر السِّلَفِيِّ بالإسكندريَّة وغيره. ولمَّا دَخَل مِصْر؛ أكْرَمَهُ القاضي الفاضل، وعَرَفَ مِقْدارَه، وأنزله بالمدرسة الفاضليَّة بالقاهرة، وَجَعله شيخَها، وعظَّمه تعظيمًا كثيرًا. وَنَظَمَ قصيدَتَيْهِ "اللاَّميَّة" و"الرَّائية" بها، وجَلَس للإقراء؛ فقَصَده الخلائق مِنَ الأقطار. ثمَّ إنَّه لَمَّا فَتَح الملك النَّاصر صلاح الدين يوسف بيتَ المقدس؛ توجَّه فَزَارَه سنة 589 هـ، ثُمَّ رَجَع، فأقام بالمدرسة الفاضليَّة يقرئ، حتَّى تُوُفِّيَ سنة 590 هـ.
قرأ عليه بالسَّبع: أبو موسى عيسى بن يوسف المقدسيُّ، وعبد الرَّحمن بن سعيد الشَّافعي، وأبو عبد الله محمَّد بن عمر القُرطبيُّ، وأبو الحسن السَّخاويُّ، وآخرون.
وله أولاد رَوَوْا عَنْهُ، منهم: أبو عبد الله محمَّد.
كان إمامًا، علاَّمة، مُحَقِّقاً، واسعَ المحفوظ، كثير الفنون، أُعجوبةًَ في الذَّكاء، بارعًا في القراءات وعِلَلِها، حافظًا للحديث، كثير العناية، أُستاذًا في العربيَّة، له الباع الأطول في فنِّ القراءات، والرَّسم، والنَّحو، والفِقْه، والحديث، وقصيدتاه في القراءات والرَّسم تدلُّ على تبحُّره. قال الذَّهبيُّ -رحمه الله-: "وقَدْ سارتِ الرُّكبان بقصيدتيه "حِرْز الأماني"، و"عقيلة أتراب القصائد" -اللَّتين في القراءات والرَّسم-، وحَفِظَهُما خَلْقٌ لا يُحْصَوْن، وَخَضَعَ لهما فحولُ الشُّعراء، وكِبار البُلَغاء، وحُذَّاقُ القُرَّاء؛ فلَقَدْ أبدَعَ، وأوْجَزَ، وسهَّل الصَّعْبَ".
وكان الشَّاطبيُّ -رحمه الله- يقولُ عَن قصيدته في القراءات: "لا يقرأُ أحدٌ قصيدتي هذه إلاَّ وينفعُه اللهُ -عزَّ وجلَّ- بها؛ لأنَّني نظمتُها مخلصًا لله -تعالى-".
وله قصيدة داليَّة نحو خمسمئة بيت، مَنْ قَرَأَها؛ أحاط علمًا بـ "التَّمهيد" لابن عبد البرِّ.
وكان إذا قُرِئَ عليه "الموطَّأ" و"الصَّحيحان"؛ يُصحِّح النُّسَخَ مِنْ حِفْظِه، حتَّى كان يُقال: إنه يحفظ وِقْرَ بَعيرٍ مِنَ العُلوم.
وكان يجلس إليه مَنْ لا يعرفه؛ فلا يرتاب به أنَّه مُبْصِر؛ لذكائه، لا يظهر منه ما يدلُّ على العَمَى.
وكانَ يتجنَّب فضول الكلام، ولا ينطق إلاَّ لضرورةٍ، ولا يجلس للإقراء إلاَّ على طهارة، في هيئة حَسَنة، وتخشُّع واستكانةٍ.
وكان زاهدًا، عابدًا، قانتًا، مَهيبًا.
كانَ يعتلُّ العلَّة الشَّديدة؛ فلا يشتكي ولا يتأوَّه، وإذا سُئِلَ عَنْ حالِه؛ قال: "العافية"، لا يزيد على ذلك.
وكان -رحمه الله- يعذلُ أصحابَه في السِّرِّ على أشياء لا يعلمها إلاَّ اللهُ -عزَّ وجلَّ-.
رحمه الله -تعالى-، ونَفَعنا بعلمه.