نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1818
ألف كل فعل على وزن تفاعل؛ يدل على اثنين أو طرفين أو شيئين يشتركان في الفعل.
وهذه ثلاثة أفعال فيها تصادم كبير وشديد بين طرفين أو فئتين، نعرضها في ثلاثة أبحاث؛
حارب وجاهد وقاتل، وبينها اختلاف في أسباب المجابهة والصدام والمواجهة؛
فحارب؛ فعل يوصف به من تقصد العداء لغيره، وكان سببًا في إشعال الحرب معه.
وقاتل؛ فعل يوصف به من صد من عاداه وحاربه، وثبت له؛ فأحدث بصده له قتالاً معه.
وجاهد؛ فعل يوصف به من لم يجد سبيلا لوقف وكف شر من وقف في سبيل دعوته؛ إلا الدخول في القتال معه.
الجهاد عمل حربي يقوم به المسمون لنشر دين الله في الأرض، ولا يشرع بالقتال فيه إلا بعد أن يعرض على غير المسلمين الإسلام أولاً، ويكون لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، فإن أبَوا فيطلب منهم دفع الجزية، ويدخلوا تحت حماية المسلمين، وهذا الفعل يراد تبليغ الإسلام للناس، وحماية من يدخل في الإسلام من الفتنة على دينه، ولا يؤخذ منهم مال الزكاة الذي هو حق للعامة في مال الفرد؛ لأنه عباده، وهم لم يدخلوا في الإسلام، فيؤخذ منهم ما يجزئ عنها وهي الجزية.
فإن أبَوا فعليهم الاستعداد للقتال بعد ثلاثة أيام، والله تعالى يحكم بينهم بعد ذلك.
ولذلك فالجهاد ليس لبسط مد مساحة دولة الإسلام بزيادة رقعة أرضها، ولا لملء خزينة الدولة بالأموال، أو استعباد الناس وإذلالهم، إنما هو لحماية المسلمين من وجود قوى بجانبهم تهددهم، أو تفتن من يسلم عن دينه؛ فالجهاد قطع للشر والأذى عن المسلمين، ومن يكون تحت رعايتهم؛ وعلى ذلك سقطت الألف في جميع أفعال الجهاد كما سنرى.
والفرق بين حارب وجاهد أن الحرب تطاول من طرف على طرف، والاستعلاء عليه، ومدى الأذى إليه، وعليه كان إثبات الألف.
والجهاد لا يكون إلا بعد إشعار العدو بالحرب والطلب منه الاستعداد لها بعد ثلاثة أيام، ولا يقاتلون على غرة منهم قبل عرض عليهم العرض الثلاثة، ولذلك يساوى الفريقين في العلم بالحرب والاستعداد لها، مع الهدف من الجهاد وقف الكفر والشرك واستمرار قيامه في الأرض إرضاءً لله، وعليه أيضًا سقوط الألف.
ورد فعل "جَاهَد" بصيغة الماضي مرتين؛ وحذفت الألف فيهما؛
في قوله تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة.
وفي قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت
وورد فعل الماضي "جاهداك" المتصل بألف الاثنين في موضعين محذوفي الألف؛
في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) العنكبوت
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) لقمان
إثبات ألف الاثنين لاختلاف الأم والأب في أسلوب وطريقة التأثير عليه
وثبتت ألف الاثنين لاختلاف الوالدين في درجة الجهاد وقوته والأسلوب المتبع منهما مع ولدهما ولما كان الجهاد هو بذل الجهد في وقف الطرف الثاني صح؛ وصف الفعل للمؤمن والكافر.
وورد الفعل الماضي "وجاهدوا"متصلا بواو الجمع في أحد عشر موضعًا محذوف الألف فيها؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) البقرة
وفي قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1818