نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 177
مفارقات بين الخلق والخالق
ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[01 - 07 - 2013, 12:23 م]ـ
مفارقات بين الخلق والخالق
عمر بن عبد المجيد البيانوني
كم هو الفرق عظيمٌ بينَ الخَلْقِ والخالق، بينَ الخلقِ المطبوعين على النقص والضعف والتقصير، وبين الخالقِ الكاملِ ذي القوَّة المطلقة.
1ـ إنَّ الخَلْقَ يغضبون إذا سألتهم وأكثرت من سؤالهم، أما الخالق فهو الذي حثَّك على سؤاله، ويجيب دعوة الداعي، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وإذا ذكرتَ الله في نفسك ذكرَكَ في نفسه، وإذا ذكرتَهُ في ملأ ذكرَكَ في ملأٍ خير منهم ..
فالله الودود قد تكفل لعباده وهو الغني عن العالمين بأن من ذكره وحمده أن يشرِّفه الله عز وجل ويذكره ويكون معه، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة). متفق عليه. فمن ذكر الله بالتنزيه والتقديس سرّاً ذكره الله تعالى بالثواب والرَّحمة سرّاً، وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم.
2ـ إنَّ الخَلْقَ يضيقون بتكرر الخطأ منك وقد لا يقيلون العثرات ولا يقبلون الاعتذار، أما الخالق فهو الذي أمر عباده بالتوبة وهو يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
وقال النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: (لَلهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) متفق عليه واللفظ لمسلم. أي: ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك.
3ـ إنَّ الخالقَ يوفق عبده للطاعة ثم يشكره ويثيبه عليها، أما الخَلْق فقد لا يساعدوك على الخير، ثم إنْ فعلتَ الخير فقد يشكروك وقد لا يشكروك عليه، وإذا شكروك فإنَّ شكرَهم ناقصٌ محدودٌ، أما الخالقُ فهو الذي يوفِّق عبادَه للطاعات ثم يُثيبُهُم عليها، قال تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقال سبحانه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
4ـ إن التذلل والخضوع لله هو العزُّ والشرف ويقودك إلى الرفعة والكرامة، أمَّا الخضوع للمخلوقين فهو الذل والهوان.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 177